أمن “إسرائيل” العلمي في مرمى الصواريخ الإيرانية

صعدت إيران عملياتها ضد “إسرائيل”، واستهدفت معهد “وايزمان” للعلوم جنوب تل أبيب، والذي يوصف بـ”العقل العلمي العسكري في إسرائيل”، ما اعتُبر ضربة نوعية تمس العمق العلمي والأمني الإسرائيلي.
الهجوم الصاروخي أسفر عن دمار واسع في منشآت المعهد، خاصة مبنى “أندريه ديلورو” المتخصص في أبحاث الكيمياء والمواد المتقدمة، حيث اندلعت حرائق كبيرة، وتضررت البنية التحتية بشكل بالغ، وفق تقارير إعلامية عبرية، وسط تعتيم رسمي من الاحتلال على حجم الأضرار الحقيقية.

إقرأ أيضاً: صواريخ إيران تُصيب قلب إسرائيل وتضرب مباني استخباراتية حساسة

يمثل هذا الاستهداف رسالة مزدوجة، علمية وأمنية، نظراً للمكانة التي يحتلها معهد “وايزمان” في البنية البحثية الإسرائيلية. فالمعهد لا يقتصر دوره على التعليم الأكاديمي، بل يُعد شريكاً استراتيجياً في تطوير منظومات عسكرية وتقنية متقدمة، تشمل الذكاء الاصطناعي، والطائرات بدون طيار، والتوجيه الصاروخي، وتقنيات الحرب الإلكترونية، وأنظمة التشفير والاتصال العسكري.
المبنى المستهدف مؤلف من سبعة طوابق فوق الأرض وأربعة تحتها، بمساحة إجمالية تتجاوز 50 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 30 مختبراً علمياً عالي التقنية، من بينها مختبرات للمجهر الإلكتروني وغرف نظيفة بمعايير فائقة الدقة، إلى جانب وحدات تحليل بيانات ومراكز بحثية نظرية.

وبدأت “إسرائيل” تؤسس لهذا المعهد عام 1934 على يد حاييم وايزمان تحت اسم “دانيال سييف للبحوث”، ثم تمت توسعته وأعلن رسميا “معهد وايزمان للعلوم” نسبة إلى حاييم وايزمان أول رئيس لكيان الاحتلال في 2 نوفمبر 1949.

ويعمل في المعهد نحو 2500 شخص، ويقدّم برامج ماجستير ودكتوراه في تخصصات حيوية كالكيمياء، الفيزياء، الأحياء، علوم الحاسوب، والرياضيات. كما يوفّر المعهد خدمات تكنولوجية للجيش الإسرائيلي تشمل تطوير أسلحة ذاتية التحكم، وأنظمة رصد ومراقبة، وتقنيات توجيه دقيقة، ونظم ملاحة بديلة عن GPS، ما يجعله هدفًا ذا طبيعة استراتيجية لإيران.

“كلّ شيء دُمّر في لحظة”

ونقل موقع “ذي ماركر” الإسرائيلي عن عدد من الباحثين العاملين في المعهد مشاهداتهم لحجم الدمار والأضرار، حيث يقول البروفيسور ألداد تساحور، وهو باحث مخضرم في قسم الأحياء الجزيئية للخلية: “أنا أعيش في المعهد، هذا بيتي منذ 22 عاماً.. بعد ربع ساعة من الانفجار بدأت تصل صور – ترى مبنى المختبر الخاصّ بك يحترق، ولا تصدّق. لاحقاً فهمت أنه لم يعد لدينا مختبر”.
وقال إنه خرج في الصباح ليرى ما تبقّى، ووصف مشاهداته بالقول: “ثلاثة طوابق انهارت بالكامل. لا أثر لشيء. كلّ التاريخ، والعلم، والصور، والتذكارات – كلّ شيء كان هناك. كلّ شيء مُحي”.
أيضاً مختبر البروفيسور عيرن سيغل من قسم علوم الحاسوب، هو الآخر تعرّض لضربة مباشرة. سيغل وزملاؤه، يعملون على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يقول: “كلّ شيء دُمّر في لحظة واحدة”.
بحسب سيغل، فإنّ معدات بملايين الدولارات تضرّرت من جرّاء البلل (نتيجة جهود الإطفاء)، ولا يعرف أحد بعد ما إذا كان بالإمكان إصلاحها.

 

إعادة بناء المعهد تستغرق سنتين على الأقل

وأيضاً ينقل الموقع عن البروفيسور شَرئيل فلايشمان من كلية الكيمياء الحيوية، والذي لم يتضرّر مختبره، إنّ شعور الحِداد يسود أرجاء المعهد بعد الحدث. “المختبرات في علوم الحياة تعتمد على موادّ جُمعت وحُفظت عبر سنين، وعندما يُدمّر المختبر ومعه كلّ هذه المواد، فالأمر لا يُعوّض”.
أما البروفيسور أورن شولدينر، الذي يعمل في المعهد منذ 16 عاماً، فقد وصف الدمار بلغة أشدّ: “أتعامل مع المختبر كما لو أنه تبخّر في الهواء. كلّ شيء فُقد. هذه سنوات من العمل، من الطلاب. إنه أمر يمزّق القلب”.
ويقول شولدينر إنّ إعادة البنية التحتية العلمية التي فقدت ستستغرق سنتين على الأقل. “هذا ضرر كبير لقدرتنا على تطوير العلم، وإنتاجه، وتحقيق اكتشافات”، ويختم “السؤال الذي يراود الذهن: هل لهذا معنى؟ ليس خوفاً من الإيرانيين، بل خوفاً من الدولة نفسها. هل لها مستقبل غير غارق بالكراهية، كما كان الحال في السنوات الثلاث الماضية؟”.
ويُعدّ استهداف معهد “وايزمان” تحوّلاً في طبيعة الرد الإيراني، إذ لم يعد مقتصراً على البنية العسكرية التقليدية، بل توسّع ليطال البنية التحتية العلمية-التقنية التي ترفد منظومة الاحتلال القتالية، ما يُعزز من تأثير الضربة في الوعي الإسرائيلي، ويزيد من حالة الإرباك داخل مؤسسات الأمن والبحث.

اقرأ أيضاً: هرباً من صواريخ إيران: مستوطنون يفرّون عبر البحر إلى قبرص

إقرأ أيضاً: صواريخ إيرانية تستهدف شركة رافائيل في حيفا وتصيب مواقع حيوية في تل أبيب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.