ما حقيقة نشر قسد عناصر النظام السابق في الحسكة؟

تناول تقرير “للجزيرة نت” حقيقة نشر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لعناصر من النظام السوري السابق في محافظة الحسكة، مقدماً روايات متضاربة بين اتهامات بالتجميع المنظم وتوضيحات بالوجود العسكري القديم.

ادعاءات بوجود من 5 إلى 6 آلاف عنصر والتنسيق الأمني:

كشف مصدر سوري مطلع -فضّل عدم الكشف عن هويته- عن قيام قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بتجميع عدد كبير من عناصر قوات النظام السوري السابق في محافظة الحسكة شرقي البلاد.

وأشار المصدر إلى أن عددهم يتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف عنصر، ما يمثل نشاطاً مكثفاً ومنظماً لهم داخل مناطق سيطرة قسد.

ووفقاً للمصدر، فقد تم نقل هؤلاء العناصر وتوزيعهم على مواقع رئيسية تشمل: جبل عبد العزيز، وفوج الميليبية، والشدادي، والرميلان، والمساكن. وأكد المصدر أن غالبيتهم من الساحل السوري، ويتنقلون باستخدام هويات حزبية مصطنعة تحمل أسماء وهمية، الأمر الذي يسهل لهم اجتياز حواجز الأمن العام التابع للحكومة السورية دون عوائق، في دلالة على تنسيق مسبق وتسهيلات أمنية.

إستراتيجية قسد وورقة الضغط:

أوضح المصدر “للجزيرة نت” أن حماية قسد لهذه العناصر تأتي ضمن إستراتيجية معقدة، حيث تُستخدم كورقة ضغط في المفاوضات مع دمشق أو الأطراف الإقليمية. ويعتقد المصدر أن بعض القيادات المحلية في قسد تتلقى دعماً لوجستياً أو مالياً مقابل التغاضي عن نشاطهم، مشيراً إلى أن وجودهم يسهم في خلق “توازن داخلي” يمنع أي تحركات معارضة جذرية ضد قسد في المناطق ذات الغالبية العربية.

ويأتي هذا الكشف عقب زيارة الوفد الحكومي المكلف بتطبيق بنود اتفاق 10 مارس/آذار الماضي بين قسد والحكومة السورية لمدينة الطبقة بريف الرقة الغربي، وبعد أيام من تصريح قائد قسد مظلوم عبدي لوكالة أسوشيتد برس بالتزامه بـدمج قواته ضمن الجيش السوري، وإشارته إلى أن خبراتهم في مواجهة تنظيم “داعش” ستعزز قدرات الدولة السورية، مع تلميح إلى مرونة تركية محتملة تجاه هذا الاندماج.

النفي من داخل قسد: وجود سابق وأعداد لا تتجاوز 3 آلاف:

في المقابل، كشف مصدر عسكري في قسد -فضل عدم الكشف عن هويته- عن أن وجود عناصر سابقة من قوات النظام السوري في مناطق سيطرة قسد بمحافظة الحسكة كان موجوداً أصلاً قبل سقوط النظام، ونفى أن تكون المنطقة قد شهدت تجمعات منظمة أو أعداداً كبيرة كما يُشاع.

وأوضح المصدر أن معظم هذه العناصر كانت منتشرة على طول الشريط الحدودي مع تركيا، من القامشلي إلى عين العرب (كوباني)، كجزء من الانتشار العسكري للنظام السوري قبل عام 2011، وأن بعضها بقي في المنطقة بعد انسحاب الجزء الأكبر منها.

ونفى المصدر وجود أعداد تتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف عنصر، لافتاً إلى أن العدد لا يتجاوز 3 آلاف على أقصى تقدير. وأكد أنهم “ليسوا متجمعين بمفردهم، ولا يشكلون كتلة واحدة”، بل هم موزعون ضمن أفواج ووحدات مختلطة عسكرية، ويحمل بعضهم هويات مدنية، ولا توجد ترتيبات تنظيمية أو قيادة موحدة.

كما نفى المصدر أن تكون قسد تسعى لاستقطاب أو حماية هذه العناصر بشكل ممنهج، مؤكداً أن “القوات العسكرية لا تعاني نقصاً بشرياً يدفعها للاعتماد عليهم”. ورأى أن بقاءهم في المنطقة دون إزعاج هو أمر “منطقي” لأن أي تحرك ضدهم قد يُستخدم لزعزعة الاستقرار، لكن لا توجد سياسة رسمية لدمجهم أو تنظيمهم.

ويأتي هذا التضارب بعد عودة التوترات بداية الشهر الجاري بين قسد والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ودار اشتباك لساعات انتهى بتوقيع وقف إطلاق نار جديد في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بين وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ومظلوم عبدي.

تحليل الباحث: توظيف لتعويض النقص بإشراف التيار الإيراني:

من جهته، أكد أنس شواخ، الباحث السياسي السوري، أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى لتوظيف عناصر من النظام السابق، خاصة المتورطين في جرائم حرب وانتهاكات، من الصفوف العليا والوسطى.

وأوضح أن الاستقطاب يأتي في إطار تعويض النقص البشري الناتج عن حالات الانشقاق الكثيرة بين المقاتلين العرب في صفوف قسد.

وأشار شواخ إلى أن “المنسق الرئيسي لهذا الاستغلال هو التيار المرتبط بإيران داخل حزب العمال الكردستاني، الذي يتمتع بحضور قوي في مناطق سيطرة قسد”. وأضاف أن هذا التيار يعارض بشدة أي اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة وتركيا، مستثمراً هذه العناصر لتعزيز سيطرته واستبدال العناصر العربية غير الموثوق بها، مستفيداً من الارتباطات العقدية أو السياسية المشتركة معها.

وحذر الباحث من الجوانب السلبية لهذا التحالف، مؤكداً أن فلول النظام تحمل عداءً تاريخياً تجاه معظم الشعب السوري، خاصة المكون العربي في شمال شرقي البلاد، وأن إعادة إنتاج هذه العناصر يزيد من الاحتقان والعداء ضد سيطرة قسد، مما يؤدي إلى تصعيد الرفض الشعبي في المناطق ذات الغالبية العربية.

وكشف شواخ عن معلومات متداولة من سكان المناطق تفيد بأن قسد تضع خطة أمنية متكاملة لتنظيم تحركات هذه المجموعات، تشمل: وضعهم في معسكرات تدريب خاصة، وتزويدهم ببطاقات هوية عسكرية مرتبطة بها، بالإضافة إلى إنشاء تجمعات سكنية لعوائلهم في مناطق ذات غالبية عربية، مثل مدينة الحسكة والرقة والطبقة وبعض المناطق التابعة للحسكة.

يُذكر أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي وقّعا اتفاقاً في العاشر من مارس/آذار 2025 بقصر الشعب في دمشق، تضمّن 8 بنود، أبرزها دمج المؤسسات العسكرية والمدنية شمال شرقي سوريا ضمن هيكل الدولة، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

 

اقرأ أيضاً:تركيا تدمر شبكة أنفاق واسعة لـ قسد شمال سوريا

اقرأ أيضاً:قوات سوريا الديمقراطية: دمج قسد في الجيش السوري رهن بشروط واضحة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.