بطائرة مسيرة وحلم لا يموت.. مهندس سوري يقود إعادة إعمار قريته المدمرة في إدلب
بعد سنوات من الحرب والدمار، يعود المهندس المعماري السوري عبد العزيز المحمد إلى قريته تل مرديخ في ريف إدلب، حاملا معه طائرة مسيرة وحلما لا يعرف الانكسار.
كانت القرية، القريبة من موقع إيبلا الأثري العريق، قد تحولت إلى ركام بعد سنين الحرب، لكن ذلك لم يمنع المحمّد من البدء بخطوة صغيرة أعادت الأمل إلى أهلها.
يقول عبد العزيز (34 عاماً) لوكالة فرانس برس:
“عندما عدت، لم أتعرف إلى الشوارع، ولا حتى إلى منزل عائلتي، كنا نسير في الطرقات وكأننا في مكان غريب تمامًا.”
أمضى المهندس السوري أسبوعين وهو يتنقل بين المنازل سيرا على الأقدام، موثقاً حجم الدمار الهائل، التي تعرضت له القرية.
وباستخدام طائرته المسيّرة، بدأ بجمع صور وبيانات دقيقة لكل منزل، عمل خلالها على إعداد خارطة تفاعلية توضح حالة 1500 منزل في القرية.
هذه البيانات الدقيقة أثمرت دعماً ملموساً: فقد استجابت منظمة “شفق” الإنسانية، ومقرها تركيا، لمبادرته، ووافقت على تمويل إعادة تأهيل 434 منزلًا من أصل نحو 800 منزل متضرر، في حين دُمرت 700 منزل بشكل كامل. تجاوزت كلفة المشروع المليون دولار، وتشمل أيضاً إصلاح بئرين للمياه وشبكات الصرف الصحي، على أن تكتمل الأعمال بحلول أغسطس المقبل.
ورغم أنه يقيم حالياً في مدينة إدلب على بُعد 18 كيلومتراً، يزور المحمد قريته باستمرار للإشراف على سير العمل.
يقول بابتسامة ملؤها الإصرار:
“لم أصدق أننا وصلنا إلى هذه المرحلة. البيوت تبنى من جديد، والناس سيعودون. هذا حلمي منذ البداية.”
من بين العائدين، علاء الغريب (45 عاماً)، الذي يروي كيف عاش سبع سنوات في خيمة، ثم عاد إلى منزله المدمر ليبدأ حياة جديدة فيه، ولو ببطانية على الباب.
وتتلاءم هذه المبادرة مع أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي تشير إلى عودة أكثر من 500 ألف سوري من الخارج، و1.2 مليون نازح داخليًا، منذ أواخر 2023، وسط تقديرات بعودة 3.5 مليون شخص بحلول نهاية 2025.
ورغم أن الدولة لم تطلق بعد خطة وطنية شاملة لإعادة الإعمار، إلا أن مشاريع فردية كهذه، تعكس مدى قدرة السوريين على التحدي والبناء.
يختم المهندس الشاب حديثه بأمل لا ينكسر:
“أحلم بسوريا حديثة تبنى من جديد، بهوية عمرانية معاصرة.. يحفرها شبابها ويملأها الأمل.”
اقرأ أيضاً: محافظ حمص: ثلث التجمعات العمرانية مدمّرة وخطة شاملة لإعادة الإعمار قيد التنفيذ
اقرأ أيضاً: تمهيداً لإعادة الإعمار.. الحكومة السورية تُعيد تقييم رخص استثمار الإسمنت القديمة
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب