عراقيل قانونية واقتصادية تعيق عودة آلاف اللاجئين السوريين من الأردن

كشف تقرير صادر عن المجلس النرويجي للاجئين (NRC) أن آلاف اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن ما زالوا غير قادرين على العودة إلى بلادهم، رغم عودة أكثر من 152 ألف لاجئ منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، من أصل أكثر من 650 ألف لاجئ مسجّل. وأرجع التقرير ذلك إلى عراقيل قانونية وإدارية واقتصادية، تجعل خيار العودة الطوعية والآمنة والكريمة بعيد المنال للكثيرين.

وأشار التقرير إلى أن تكاليف المعيشة المرتفعة في الأردن، وتراجع المساعدات الإنسانية، إضافة إلى السياسات الصارمة للتوثيق المدني في كل من الأردن وسوريا، تشكل أبرز العقبات أمام اتخاذ قرار العودة. وبحسب استطلاع أجراه المجلس، فإن التفاؤل بشأن العودة تراجع بشكل ملحوظ، إذ أعرب 40% فقط من اللاجئين عن أملهم بالعودة في المستقبل، بينما أبدى 21% نية واضحة بالعودة، وأكد 37% أنهم لا يخططون للعودة مطلقاً.

وقالت مديرة المجلس في الأردن، إيمي شميت، إن اللاجئين يواجهون “أهم قرار منذ أكثر من عقد: هل يعودون أم لا؟”، مؤكدة أن كثيراً من العائلات تفتقر للمعلومات الكافية، وتعجز عن تحمّل تكاليف السفر، أو تخشى من إعادتهم عند الحدود.

عوائق متعددة أمام العودة
رصد التقرير خمس عقبات رئيسية تعيق اللاجئين عن العودة، أبرزها نقص المعلومات الموثوقة حول الأوضاع الأمنية والقانونية داخل سوريا. وبيّن أن عائلة واحدة من كل ستة عائلات غيّرت موقفها من العودة خلال أربعة أشهر فقط، ما يعكس حالة عدم اليقين السائدة.

كما أشار إلى مشاكل التوثيق المدني، إذ تعجز عائلات كثيرة عن استصدار شهادات ولادة أو زواج بسبب غياب أوراق رسمية، ما يؤدي إلى صعوبات متسلسلة في تسجيل الأبناء أو تسوية الأوضاع القانونية. ويضاف إلى ذلك عبء الرسوم المرتفعة، إذ يكلف تصديق الوثائق 25 دولاراً لكل ورقة، بينما قد تصل الغرامات في بعض الحالات إلى 1000 دينار أردني (نحو 1400 دولار).

اقتصادياً، يعيش ثلثا الأسر السورية في الأردن تحت خط الفقر، فيما لا يملك 93% من العاملين تصاريح عمل سارية، ما يجعل العودة إلى سوريا محفوفة بالمخاطر الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً مع دمار المنازل والممتلكات هناك.

كما يلعب البعد الجيلي دوراً في تعقيد القرار، إذ وُلد أكثر من 214 ألف طفل سوري في الأردن منذ 2011، ويعتبر كثير منهم الأردن موطناً أول. وبينما يفكر الرجال غالباً بالعودة بدوافع مالية أو متعلقة بالملكية، تعبّر النساء عن مخاوف من انعدام الأمان، والزواج المبكر، وفقدان شبكات الدعم الاجتماعي.

ويواجه بعض الفئات انسداداً كاملاً في خيارات العودة، مثل اللاجئين غير المسجلين لدى المفوضية أو السلطات الأردنية، إضافة إلى الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في سوريا ويعانون من غياب الوثائق القانونية اللازمة.

توصيات ودعوات دولية
دعا المجلس النرويجي للاجئين الحكومة الأردنية إلى تبسيط إجراءات تسجيل الولادات والزيجات، وإلغاء الرسوم المرتجعة لتصاريح العمل، والسماح لسكان المخيمات بأخذ الكرفانات الخاصة بهم عند العودة. كما طالب الحكومة السورية بإزالة العوائق القانونية المرتبطة باستعادة الممتلكات، وفتح مسارات شفافة لتسوية الأوضاع والحصول على الوثائق.

وأكد التقرير أن ترك اللاجئين أمام خيارين فقط، البقاء في فقر مزمن أو العودة غير الآمنة، سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، داعياً إلى تنسيق أكبر بين الأردن وسوريا والجهات المانحة لتهيئة بيئة أكثر ملاءمة للعودة الطوعية.

تمويل أممي لمواجهة التحديات
وفي سياق متصل، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن في 19 أيلول/سبتمبر الجاري أنها بحاجة إلى 280 مليون دولار لدعم عملياتها الإنسانية في المملكة خلال عام 2026. وأوضح المتحدث باسم المفوضية، يوسف طه، أن الموازنة المقترحة أقل من موازنة العام 2025 التي بلغت 373 مليون دولار، لكنها ستبقى موجهة لضمان استمرار الخدمات الأساسية وتعزيز الاستدامة والتمكين، إلى جانب دعم العودة الطوعية الآمنة والكريمة.

وأكد طه أن الوكالة ستكثف تعاونها مع شركائها المحليين والدوليين لتعظيم الاستفادة من الموارد المحدودة، مشدداً على أن عمل المفوضية سيبقى قائماً على مبادئ الكرامة والاستدامة.

اقرأ أيضاً:ألمانيا تقدم منحة لدعم تعليم اللاجئين السوريين في الأردن

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.