ارتفاع معدلات الطلاق في سوريا: الفقر وسوء الاختيار في مقدمة الأسباب
تشهد سوريا ارتفاعًا متسارعًا في نسب الطلاق خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بشكل رئيسي بتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إضافة إلى عوامل اجتماعية ونفسية متشابكة. وتشير شهادات لنساء ومحامين وقضاة شرعيين إلى أن سوء الاختيار، الزواج المتسرّع، وضغط الفقر، أصبحت أسبابًا جوهرية لانهيار عدد كبير من الزيجات، وخاصة بين فئة الشباب.
الوضع المعيشي يضغط على الحياة الزوجية:
تروي حنين (21 عامًا)، في حديثها لموقع “الترا سوريا”، تفاصيل معاناتها بعد أقل من عام على زواجها، رغم أنها حامل في شهرها الثالث. تقول إنها اضطرت للعودة إلى منزل أهلها وطلب الطلاق بعد أن عجز زوجها عن تأمين الحد الأدنى من المعيشة، حتى الطعام اليومي.
زوجها، الذي يعمل في وظيفة لا يتجاوز راتبها 800 ألف ليرة سورية، لا يستطيع تأمين سوى إيجار المنزل البالغ 750 ألف ليرة، ما جعل الحياة اليومية شبه مستحيلة. تقول والدتها إنها لم تتردد في دعم ابنتها برفع دعوى “تفريق” لدى المحكمة الشرعية.
لا إحصائيات دقيقة لحالات الطلاق:
يؤكد القاضي الشرعي الأول في دمشق، أحمد حمادة، أن عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة لحالات الطلاق يعود إلى تنوع طرق تثبيت الطلاق، بين الطلاق الإداري، والتفريق القضائي، والمخالعة الرضائية.
ويشير حمادة إلى أن أسباب الطلاق في سوريا كثيرة، موضحًا أن الجانب الاقتصادي هو أحدها، لكنه ليس السبب الوحيد. ويرى أن غياب “المودة والرحمة” والتفاهم الديني والاجتماعي بين الزوجين هو العامل الأعمق، داعيًا إلى ضرورة تحقيق شرط الكفاءة الزوجية لتفادي الطلاق.
المحامون يؤكدون: تردي الوضع الاقتصادي في المقدمة:
من جانبه، يقول المحامي عبد الفتاح الداية، إن الطلاق أصبح ظاهرة متنامية، ويؤكد أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تعد السبب الأول في معظم القضايا التي يشهدها القضاء اليوم. فحين يفشل الزوج في تأمين المعيشة الأساسية، ينشأ التوتر والشقاق داخل الأسرة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الانفصال.
كما يلفت إلى أن التسرع في الزواج وسوء الاختيار، خصوصًا الزيجات التي تتم عبر الإنترنت أو دون معرفة كافية بين الطرفين، تؤدي إلى علاقات غير مستقرة تنهار سريعًا. ويضيف أن أغلب حالات الطلاق تُسجل بين فئة الشباب، خاصة خلال السنوات الأولى من الزواج.
الطلاق في سوريا: مؤشرات متزايدة دون إحصائيات رسمية:
رغم غياب بيانات رسمية محدثة من وزارة العدل أو القصر العدلي، فإن التقديرات المستندة إلى تصريحات خبراء قانونيين، تشير إلى أن معدلات الطلاق في سوريا تشهد تزايدًا سنويًا، نتيجة تدهور المعيشة، وتغيّر أنماط الزواج، وتراجع الثقافة الأسرية.
إقرأ أيضاً: امرأة واحدة في صورة قيادات الدولة: أين ذهبت المساواة في السلطة السورية؟
إقرأ أيضاً: أول استطلاع رأي شامل في سوريا: نتائج القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاندماج الوطني