شطب أكثر من 100 محامٍ وسط اتهامات بتحويل النقابات إلى أدوات أمنية وقمعية
في خطوة مثيرة للجدل داخل الوسط القانوني السوري، أصدرت مجالس فروع نقابة المحامين في دمشق ودرعا وطرطوس قرارات بشطب 106 محامين من جداول النقابة، من بينهم نقباء سابقون وأعضاء مجالس فروع، بتهم تتعلق بانتهاك كرامة مهنة المحاماة، والتورط في تجاوزات جسيمة، والتعاون مع الأجهزة الأمنية في ملاحقة زملائهم، في سابقة قد تكون من أكبر عمليات التطهير النقابي في تاريخ سوريا الحديث.
اتهامات بتحويل نقابة المحامين إلى جهاز أمني رديف للنظام السابق:
جاء في بيان نقابة المحامين فرع دمشق أن القرار جاء نتيجة “ثبوت مسؤولية قانونية ومهنية على عدد من رؤساء وأعضاء مجالس النقابة بين عامي 2011 و2025، بعد ثبوت تحويل النقابة إلى ذراع أمني رديف لأجهزة المخابرات، والتأييد العلني لجرائم النظام السابق وإنكارها، وشطب مئات المحامين تعسفياً بناءً على توجيهات أمنية”.
شملت الاتهامات:
1- دعم علني لجرائم النظام.
2- التواطؤ في قمع المحامين المناهضين سياسياً.
3- شطب تعسفي لعشرات المحامين دون أسس قانونية.
4- إهمال إداري ومالي جسيم.
5- الفساد واستغلال المنصب.
6- تورط مباشر في الوشاية بزملاء انتهى الأمر ببعضهم إلى الاعتقال أو الموت تحت التعذيب.
شطب نقباء وأعضاء بارزين.. من أبرز الأسماء
شملت قرارات الشطب أسماء بارزة في المشهد القانوني السوري، أبرزهم:
1- نزار السكيف والفراس فارس (نقباء سابقون – معتقلون حالياً).
2- محمد جهاد اللحام (رئيس مجلس الشعب السابق).
3- أحمد نبيل كزبري (رئيس وفد النظام السابق في اللجنة الدستورية).
4- ماجد رشيد خضرة (عضو المحكمة الدستورية العليا).
5- محمد خير العكام ووائل الطباع وغيرهم.
وأكد مجلس النقابة أن “القرار إداري معجل النفاذ وقابل للطعن أمام مجلس النقابة بشكل فردي خلال فترة قانونية محددة”.
مطالبات بالمحاسبة وتجميد الأرصدة وفتح تحقيقات مالية:
تزامناً مع القرار، طالب محامون وناشطون قانونيون بضرورة:
1- تحريك دعاوى جزائية ومسلكية ضد المشطوبين.
2- الحجز على أموالهم.
3- التحقيق في شبهات الفساد المالي والإداري التي ارتكبت خلال فترة توليهم المسؤولية.
واعتبر كثيرون أن هذه الخطوة هي بداية لـ”تطهير نقابة المحامين من أزلام النظام السابق”، في حين حذر آخرون من التسرع ووقوع مظالم بحق محامين نزهاء تم شطبهم دون أدلة كافية.
نقيب المحامين السابق: المحاسبة مطلوبة ولكن ضمن القانون:
في تعليقه على الحدث، قال أحمد دخان، نقيب المحامين السابق ورئيس مجلس مدينة إدلب حالياً، لـ “القدس العربي” إن “أي إصلاح نقابي يجب أن يستند إلى القانون لا إلى ردود الفعل”. وأكد على أن:
1- المحاسبة جزء من العدالة الانتقالية.
2- لا يجب أن تتحول إلى تصفيات سياسية أو تشهير.
3- يجب احترام قرينة البراءة وحق الدفاع والطعن.
4- النقابة ملتزمة بقرارات قانونية مبنية على أدلة، لا تسريبات.
قرارات مماثلة في طرطوس ودرعا وحلب:
طرطوس:
أصدر فرع النقابة قرارًا بشطب 10 محامين، بعد ثبوت سفرهم خارج البلاد وانقطاعهم عن ممارسة المهنة، في مخالفة واضحة لقانون تنظيم مهنة المحاماة.
درعا:
شُطب 77 محامياً، بعضهم لتغيبهم غير المبرر، لكن أغلبهم بتهم الوشاية بزملائهم والتورط في تسليمهم للأجهزة الأمنية، مما أدى إلى اعتقالهم أو تصفيتهم في سجون النظام السوري.
رئيس فرع نقابة المحامين في درعا، سليمان القرفان، أكد أن بعض الوثائق الأمنية المسربة أكدت تورط عدد من المحامين بكتابة تقارير أمنية بحق زملائهم.
حلب:
أصدر فرع النقابة قراراً بتجميد عضوية 68 محامياً ومنعهم من مزاولة المهنة بانتظار قرارات مجلس التأديب.
انقسام في آراء المحامين بين التأييد والتحفظ:
مؤيدون:
رحب عدد من المحامين بالقرارات، معتبرين أنها “خطوة ضرورية نحو تطهير النقابة واستعادة هيبتها”، مطالبين بتوسيع العملية لتشمل جميع المحافظات، وتحقيق العدالة بحق المتورطين في الإضرار بالمهنة والزملاء.
معارضون:
انتقد آخرون هذه الإجراءات، واعتبروها غير مدروسة ومبنية على حسابات سياسية، وشبهوا بعض المجالس الجديدة بـ”سلطات انقلابية” تصدر قراراتها دون تحقيق عادل أو معايير مهنية واضحة.
المحامي هيثم نوري وصف مجلس نقابة دمشق بأنه “فاقد للشرعية”، في حين دافع عن بعض المشطوبين مثل عبد الحكيم السواح، وهو ما أيده فيه العديد من المحامين فقال كمال زيدو إنه “خير من كان في موقعه في أسوأ الظروف”، كما قال عنه إبراهيم عبد الله إنه “كان انساناً قبل كل شيء يحترم الجميع ولا يبخل بأي طلب ضمن القانون النقابي”.
إقرأ أيضاً: سوريا ما بعد الأسد.. نيويورك تايمز تكشف استمرار علامات الاستبداد
إقرأ أيضاً: حل مجلس نقابة المحامين السوري وتشكيل مجلس مؤقت جديد