القرار السوري بطرد الفصائل الفلسطينية: ضغوط إقليمية أم تحول داخلي؟

في تحول دراماتيكي شهدته سوريا، وبعد سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع إلى سدة الحكم، اتخذت السلطات السورية الجديدة قرارًا بطرد عدد من قادة الفصائل الفلسطينية من دمشق.
هذا القرار أثار تساؤلات حول دوافعه وتداعياته على العلاقات بين سوريا والمقاومة الفلسطينية، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام.

 

خلفية تاريخية للعلاقة

لطالما كانت دمشق ملاذًا للفصائل الفلسطينية، خاصة تلك التي تعارض التسوية مع “إسرائيل”، إذ احتضنت العاصمة السورية قيادات من فصائل مثل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، و”حماس”، و”الجهاد الإسلامي”. ومع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، انقسمت الفصائل بين مؤيد للنظام السوري ومعارض له، مما أثر على هذه العلاقة التاريخية.

 

الأسباب السياسية والأمنية وراء قرار الطرد

جاء قرار السلطات السورية الجديدة بطرد بعض القادة الفلسطينيين نتيجة عدة عوامل: سعي الحكومة الجديدة إلى تحسين علاقاتها مع الدول العربية، مما تطلب تقليص النفوذ الإيراني في البلاد، بما في ذلك الفصائل المرتبطة بإيران مثل “الجهاد الإسلامي”.
كما كشفت تقارير عن مطالب أمريكية بإنهاء وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة على الأراضي السورية كشرط لرفع العقوبات، بالإضافة إلى ذلك، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع تعليمات بمنع أي نشاط عسكري للفصائل الفلسطينية داخل سوريا، في إطار جهود حصر السلاح بيد أجهزة الدولة.

 

الفصائل المتأثرة بالقرار

شملت الإجراءات السورية الجديدة عدة فصائل فلسطينية، حيث تم اعتقال أمين عام “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة” طلال ناجي لساعات قبل إطلاق سراحه، في خطوة فسرت على أنها رسالة للحد من نفوذ الفصائل المرتبطة بإيران.
كما اعتُقل اثنان من قادة “حركة الجهاد الإسلامي” في دمشق، رغم أن الحركة لم تكن منخرطة في الصراع السوري، مما يشير إلى تحول في السياسة السورية تجاه الفصائل المرتبطة بإيران.
وفي السياق، تم أيضًا حل أو إعادة هيكلة بعض الفصائل مثل “فتح الانتفاضة” و”قوات الصاعقة”، وتمت مصادرة مقراتها وأسلحتها.

 

مواقف الفصائل الفلسطينية من القرار

تباينت مواقف الفصائل الفلسطينية من القرار، إذ أعربت “حماس” عن تفهمها للقرارات السورية الجديدة، وأكدت على استعدادها للتعاون مع الحكومة السورية، مع الحفاظ على علاقاتها الإقليمية.
في المقابل، أعربت “الجهاد الإسلامي” عن قلقها من الاعتقالات، مؤكدة أن أسلحتها لم توجه إلا للعدو الإسرائيلي، ودعت الحكومة السورية إلى الإفراج عن معتقليها.

 

مستقبل العلاقات

يمثل قرار طرد القادة الفلسطينيين من دمشق تحولًا في السياسة السورية تجاه المقاومة الفلسطينية، مدفوعًا بتغيرات داخلية وضغوط إقليمية ودولية، وسيكون لهذا القرار تداعيات على مستقبل الفصائل الفلسطينية وعلاقاتها الإقليمية، مما يستدعي منها إعادة تقييم استراتيجياتها وتحالفاتها في المرحلة المقبلة.

 

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.