التعلّق المرضي يوازي الإدمان..”تيا نموذجاً”
داما بوست – مارينا منصور | مع وصول مسلسل “الخائن” إلى حلقاته الأخيرة، أشاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأداء الفنانة “مرام علي” التي جسّدت شخصية “تيا” في المسلسل، وذلك لقدرتها على إبراز الحالة النفسية للشخصية بمهارة فائقة..فما الذي تعاني منه “تيا”؟ وهل هو حب أم تعلّق؟ وهل يستدعي الأمر علاجاً جدياً؟
نجيبكم في مقالنا عن هذه الأسئلة.
علامات التعلّق المرضي
تظهر هذه العلامات من خلال تصرفات الشخص أثناء علاقته بالآخر، وهي تشير إلى مرض جدّي يجب التعامل معه ومساعدة الشخص الذي يعاني منه، ومن بين هذه الأعراض:
الشعور بالحاجة إلى الدخول في علاقة خوفاً من الوحدة، فيعتمد المريض على الآخرين ليكونوا مصدر أمان له.
شعور الشخص المريض بعدم الاستحقاق وانخفاض قيمته ما لم يشعره الشريك بها، فيصبح مصدر استحقاقه تعليقات وتصرفات الشريك تجاهه.
غياب التوازن في العلاقة بين الشريكين، فيقوم المريض بإظهار اهتمام مبالغ به بشريكه أو فقدان الاهتمام به فجأة.
الشعور بالوحدة عند انشغال الشريك، وبدء ظهور علامات قلق على المريض وخوف من التخلّي.
عدم القدرة على تخيّل الحياة دون الشريك، وبذل جهد مضاعف للاهتمام بمتطلباته واحتياجاته، فيصل المريض إلى مرحلة انصهار اهتماماته باهتمامات الشريك، وتشابه سلوكيّاته مع سلوكيّات شريكه، ما يؤدي لغياب شخصيته.
الاستمرار في العلاقة رغم وجود ضغط نفسي، وقلق، واكتئاب بسببها، والهلع من فكرة إنهاء العلاقة.
وهذه الأعراض من الممكن أن تظهر في العلاقة بين الأصدقاء، أو مع الأهل، واجتماع ثلاثة من هذه العلامات يشير لوجود تعلّق عاطفي مرضي.
ما الذي قاد إلى هذه الحالة؟
التعلّق المرضي ينشأ بسبب ما حدث، وما لم يحدث، ومن المرجح أن يعود السبب لطفولة ونشأة المريض، فنقصد بـ”ما حدث” العيش في جو مشحون بالخلافات الأسرية، وعدم إتاحة الفرصة لتلقي مشاعر إيجابية من المحيط، أو غلبة الشعور بعدم الاستحقاق على المريض، أو “التدليل الزائد” من الأهل للطفل والذي يقوده للتفكير أن بإمكانه الحصول على كل ما يتمناه فيسيطرعليه حب التملّك، كما أن تعرّض الطفل للعنف الجسدي يجعله في حالة بحث دائمة عن مصدر للأمان، فيصبح كثير التعلّق بالأشخاص من حوله.
ونقصد بـ”ما لم يحدث” مشاعر الحب والدعم من الأهل التي لم يشعر الطفل بها بسبب التجاهل والحرمان العاطفي في فترة الطفولة، وغياب أحد الوالدين أو كلاهما بصفة مستمرة.
حب أم تعلّق؟
هناك شعرة فاصلة بين الاثنين، فالحب يكون بإعطاء الشريك مساحته وحريّته مع وجود توازن في العلاقة واهتمام بدرجة معينة، أما حب التملّك والإفراط بالاهتمام، وعدم ترك مساحة للشخص الآخر ومراقبته وملاحقته واقعياً أو على مواقع التواصل الاجتماعي، والرغبة بالسؤال عنه دائماً والتحدث إليه كل دقيقة ورؤيته كل يوم، وعدم القدرة على ممارسة أي نشاط بدونه أو عدم الشعور بالسعادة إلا معه، يشير إلى وجود تعلّق عاطفي مرضي.
التحرّر من التعلّق العاطفي
أصبح واضحاً أن هذه الحالة مرضيّة، وككل الأمراض تتطلب علاجاً، لأنها تصل إلى مرحلة الإدمان، فكالمدمن على “المخدرات” يدمن مريض التعلّق العاطفي الأشخاص، ويشعر لدى خروجهم من حياته بنفس الألم الذي يشعر به المدمن لدى سحب المخدرات منه، وهذه التأثيرات قد تنتهي بالوصول للانتحار، ويجب التعامل معها بجدية تامة.
قد يكون العلاج السلوكي المعرفي حلّاً إذا لم يكن الوضع متفاقماً، وفي الحالات الشديدة يمكن اللجوء للعلاج الدوائي، فهذا الأمر يقرره الاختصاصي النفسي أو الطبيب.
الحل يكون بتوطيد العلاقة مع الذات، عبر منح المريض نفسه مساحة خاصة وممارسة هواياته والنشاطات التي يحبها، ووضع نفسه بالدرجة الأولى والاهتمام بها.
وأيضاً وضع حدود للتواصل مع الشريك، بتقليل تواجد المريض في الأماكن نفسها، أو ممارسة النشاطات نفسها.
إن عملية التشافي هذه تستغرق وقتاً، ومهمة “فكّ التعلّق” تحتاج إلى الصبر، ومن الضروري اللجوء إلى مساعدة مختص إذا تفاقم الأمر أو تعطلت المهام اليومية وسيطرت الأفكار الانتحارية.