صحيفة فرنسية: صراع “الفستق” يعيق مصالحة العلويين والسنّة في قرية سورية
كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن تعقيد محاولات المصالحة في قرية معان السورية بريف حماة، حيث أدت سنوات الحرب الأهلية إلى صراع جديد على الأراضي الزراعية الغنية بأشجار الفستق الحلبي.
فبعد انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، يسعى العلويون النازحون للعودة إلى قريتهم، لكنهم يواجهون عوائق كبيرة في ظل استيطان مزارعين سنّة لأراضيهم.
عودة محفوفة بالتوتر
التقرير يوثق حادثة وقعت في يوليو الماضي، حين عاد علاء إبراهيم، وهو مدرس علوي نازح، إلى منزله في معان ليجده تحت تصرف مزارع سني يدعى حسن الحسين، سرعان ما تصاعد التوتر عندما واجهه أحد أبناء القرية الغاضبين، متهماً العلويين بالمسؤولية الجماعية عن الجرائم التي ارتكبها النظام سابقاً.
ورغم محاولة أحد وجهاء القرية حماية إبراهيم، إلا أنه اضطر للمغادرة سريعاً وسط حالة من الفوضى.
اقرأ أيضاً:تقرير حقوقي: أكثر من 2700 قتيل في مواجهات طائفية منذ تولي الشرع السلطة في سوريا
الفستق… ثروة تثير النزاع
يعتقد علاء إبراهيم أن الصراع الحقيقي ليس شخصياً، بل اقتصادي، فالأراضي الزراعية في معان تشتهر بإنتاج الفستق، وهو محصول ذو قيمة عالية.
ويقول إبراهيم، كما نقلت عنه الصحيفة: “السنّة يحمّلون العلويين مسؤولية جرائم النظام لمنعهم من استعادة أراضيهم، لأن العلويين هم الملاك الأكبر لهذه الثروة في معان”.
العدالة شرط المصالحة
العديد من سكان معان السنّة، الذين عادوا ليجدوا بيوتهم وحقولهم مدمرة، يؤكدون على أن المصالحة لن تتحقق إلا بتحقيق العدالة.
يطالب أنور بكّور، وهو من وجهاء القرية، بمحاكمة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في حقهم، قائلاً إن “الجميع يريد الانتقام”. وقد شكّل محافظ حماة مجلس مصالحة لمحاولة حل النزاع.
عقود استثمار مؤقتة وعقبات إضافية
لحل هذه المعضلة، اقترحت السلطات عقود استثمار مؤقتة، تسمح للمزارعين السنّة بزراعة أراضي العلويين النازحين مقابل حصول الملاك على نصف الأرباح، مع التعهد بإعادة الأراضي لأصحابها عند عودتهم.
رغم أن هذه العقود تهدف إلى إنقاذ الاقتصاد المحلي، إلا أن العديد من العلويين يرفضون توقيعها خوفاً من التلاعب أو المصادرة الدائمة.
وتفاقمت المشكلة بسبب قيام بعض البدو المحليين بمنع المستثمرين من الوصول إلى الأراضي، بهدف الاستيلاء عليها، وهو ما يهدد بـ”تغيير التركيبة السكانية للمنطقة” بحسب علاء إبراهيم.
مستقبل مجهول
تظل شجرة الفستق رمزاً للأمل، حيث يعقد الملاك العلويون اتفاقيات مؤقتة لإنقاذ أشجارهم التي قد تحتاج إلى أكثر من عقد كامل لتنمو مجدداً في حال تدميرها.
ورغم وعود السلطات بعودة تدريجية للنازحين، فإن التقرير يختم بالإشارة إلى أن المصالحة الحقيقية في معان ستبقى مرهونة بتحقيق العدالة الانتقالية وتجاوز إرث الحرب الطويلة.
اقرأ أيضاً:رامي مخلوف: رحيل النظام السوري قريب ومعارك كبرى في الأفق
اقرأ أيضاً:مستقبل سوريا تحت حكم أحمد الشرع: تصاعد العنف الطائفي وقلق الأقليات من الإقصاء
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب تويتر