الممرضون في سورية يطالبون بتعويض طبيعة عمل ويحذرون من هجرة الكفاءات

يواجه الممرضون العاملون في المشافي والمراكز الصحية الحكومية في سورية تحديات كبيرة في أداء مهامهم وتقديم خدماتهم للمرضى في ظل الظروف الصحية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ورغم اعتبارهم عصب المشافي والخط الأول في مواجهة الأوبئة والأزمات، إلّا أنهم يعانون من تهميش فيما يتعلق بأجورهم وتعويضاتهم التي ما تزال متدنية مقارنةً بالكثير من فئات العاملين سواء في القطاع الصحي أو غيره.

ففي شهر آب الماضي، أصدر الرئيس “بشار الأسد” مرسومين تشريعيين رقم /21/ و/28/ لعام 2023، يقضيان بمنح الأطباء البشريين وفنيي الأشعة والتخدير والأطراف الصناعية تعويض طبيعة عمل بنسبة 100% و50% على التوالي من الأجر الشهري المقطوع بتاريخ أداء العمل، فكانت هذه المراسيم محل ترحيبٍ وتقديرٍ من قبل تلك الفئات من العاملين في المجال الصحي، ما دفع الممرضين للمطالبة بمثلها خاصة أن طبيعة عملهم لا تزال 5000 ليرة سورية فقط.

وفي هذا السياق، أبدى عدد من الممرضين رغبتهم بتقدير مماثل، وعبر “داما بوست” أكدوا استغرابهم من تأخُّر قرارات اللجنة المُشكَّلة لإقرار طبيعة عمل مناسبة للتَّمريض، التي لم تصدر حتى الآن، محذرين من خطورة الوضع على القطاع الصحي في سورية، في ظل هجرة المئات من الممرضين إلى الخارج بحثاً عن فرص أفضل.

ومن بين هؤلاء الممرضين، تحدثت “نور” التي تعمل في إحدى مشافي حمص لـ “داما بوست” قائلةً: “لا يعقل أن يتقاضى فنيو التخدير أو الأشعة تعويضات تصل إلى 60 أو 75 ألف ليرة، ونحن نتقاضى 5000 ليرة فقط، لنترك موضوع الأطباء جانباً، ففنيو التخدير والأشعة أكثر منا عدداً، وتعويض طبيعة عمل ممرضي الأورام يمكن أن يصل إلى 65%، صحيح أنهم يتعاملون مع مواد خطرة ولكننا نحن أيضاً لسنا بعيدين عن الخطر، وأحياناً يكون هناك نقص في عناصر التمريض عندنا، فيضطر بعضنا إلى تغطية النقص، لا يعقل أن يُعطى تعويض طبيعة عمل زائد للأطباء والمهندسين في قلب المشافي ولفنيي التخدير والأشعة، ولا يعطى لنا شيئاً”.

في حين قالت “نها” التي تعمل في مستشفى “تلكلخ” الوطني لـ “داما بوست”.. “الممرضون في المؤسسات الحكونية في سورية جميعهم يشعرون بالاستياء من هذا الوضع، فمن زملائنا في المشفى حوالي 30 شخصاً تقدموا بطلبات استقالة وسافروا إلى العراق، وتحديداً إلى أربيل، وهناك منهم من ذهب إلى دبي، ومنهم من سافر إلى أوروبا، ومنهم شابات وأمهات لديهن أولاد، ما نطالب به هو المساواة مع باقي فئات العاملين الذين تلقّوا زيادات على طبيعة العمل، كوننا رأس الحربة في القطاع الصحي”.

أما “علي” الذي يعمل في مستشفى “حلب” الجامعي قال في حديثه لـ “داما بوست”.. “نحن نعمل بجد وبإخلاص لخدمة المرضى والمجتمع، ونتحمل مخاطر كبيرة في ظل انتشار فيروس كورونا وغيره من الأمراض، ولكن لا نجد من يقدِّرنا أو يُكافئنا على ذلك، نطالب بحقوقنا المشروعة ولا نريد أكثر من ذلك، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سنضطر إلى البحث عن بدائل أخرى، سواء داخل سورية أو خارجها، العديد من زملائي أصبحوا خارج القطر ويتقاضون رواتب كبيرة في معظم الوجهات التي ذهبوا إليها، لكن الحال هنا أصبح لا يمكن تحمّله، فالرواتب باتت لا تكفي لعدة أيام وتعويض طبيعة العمل أصبح قيمة رمزية نخجل أن نذكرها”.

وعلى صعيد متصل، أكّد الممرض “بشار” الذي يعمل في مشفى “تشرين” بدمشق لـ “داما بوست” أن الممرضين يشكِّلون ركيزة أساسية في المشافي والمراكز الصحية، وأنه لا يمكن تقديم خدمات صحية جيدة دونهم، وقال.. “الممرضون في سورية هم الذين يقومون بالعديد من المهام الهامة والحساسة، مثل إعطاء الحقن والأدوية والإسعافات الأولية والترويج للوقاية والتثقيف الصحي، كما أنهم يتعاملون مباشرة مع المرضى وذويهم، ويقدِّمون لهم الدعم النفسي والإنساني، من المفترض أن يتلقوا تعويض طبيعة عمل تليق بهم باعتبارهم ركيزة أساسية للقطاع الصحي في البلاد”.

يشار إلى أن الحد الأدنى لرواتب الممرضين في القطاع الحكومي في سورية عند بدء التعيين يبلغ نحو 300 ألف ليرة، في حين أن الحد الأقصى ممكن أن يصل إلى نحو 400 ألف ليرة، في وقتٍ بقي فيه تعويض طبيعة العمل عند 5000 ليرة فقط، وسط مطالبات لرئاسة مجلس الوزراء بضرورة دراسة أوضاع هذه الفئة من العاملين في الدولة.