تدهور حاد في قطاع الصحة بسوريا: نقص أدوية وكوادر يهدد بانهيار النظام الصحي

على الرغم من تأكيد الحكومة السورية الانتقالية أن الرعاية الصحية لا تزال مجانية، فإن الواقع في المستشفيات العامة السورية يشير إلى تدهور خطير في جودة الخدمات الصحية، خاصة منذ سقوط النظام السابق، بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وهجرة الكوادر الطبية المؤهلة، إضافة إلى ضعف الرواتب وعدم وجود حوافز للعاملين في قطاع الصحة.

نقص الأدوية والمستلزمات الطبية في المشافي العامة:

يعاني المرضى في سوريا من نقص كبير في أدوية الالتهابات، وخافضات الحرارة، والمواد الإسعافية الأساسية، إلى جانب غياب بعض مواد التحاليل الطبية. هذا النقص يدفع الأهالي إلى شراء الأدوية والمستلزمات من السوق، حتى في حالات الطوارئ.

رويدة، إحدى المواطنات، أكدت في حديثها لجريدة “الأخبار” اللبنانية أنها اضطرت لمغادرة المستشفى الحكومي واللجوء إلى جمعية خيرية لتحمّل تكلفة علاج والدتها، بعد أن طُلب منها تأمين الشاش، المعقمات، والمضادات الحيوية بنفسها.

تكاليف باهظة في المستشفيات الخاصة:

من جهة أخرى، تعاني المستشفيات الخاصة من ارتفاع كبير في التكاليف العلاجية، ما يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود. المواطن فارس أمين، الذي نقل والده من مستشفى حكومي إلى خاص، أكد أن تكلفة العلاج لمدة أسبوع تجاوزت 9 ملايين ليرة سورية، رغم أن والده توفي لاحقًا.

انهيار تدريجي في البنية التحتية الطبية:

يشير أطباء ومسؤولون سابقون إلى أن انهيار البنية التحتية الصحية في سوريا أصبح واضحًا، حيث تعمل المستشفيات العامة بأقل من نصف طاقتها، وتعاني من أعطال متكررة في الأجهزة، وفقدان أكثر من 60% من كوادرها بسبب الهجرة أو التقاعد.

وتُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن نحو 70% من العاملين الصحيين في سوريا نزحوا، بينما لا تزال هجرة طلاب الطب والأطباء المقيمين مستمرة نحو أوروبا ودول الخليج.

المرصد الأورومتوسطي: خطر انهيار شامل للنظام الصحي:

حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن النظام الصحي في سوريا على شفا الانهيار الكامل، مشيرًا إلى أن ما يقارب 15.8 مليون سوري يحتاجون إلى خدمات صحية عاجلة، في ظل غياب الموارد وضعف الاستجابة الحكومية.

وطالب المرصد السلطات السورية بوضع خطة وطنية لإعادة تأهيل القطاع الصحي، وتوفير تمويل مستدام بعيدًا عن الاعتماد على المساعدات الخارجية فقط.

الحكومة السورية: خطط لتحسين الخدمات الصحية:

من جهتها، قالت وزارة الصحة السورية إن خططها الحالية تركز على تأمين الأجهزة الطبية وتحديث المستشفيات العامة بالتعاون مع المنظمات الدولية والجمعيات الإنسانية، إلى جانب استقدام فرق طبية من الخارج لإجراء العمليات النوعية.

وتؤكد الوزارة أن هناك خططًا مستقبلية لزيادة رواتب الأطباء وسد النقص في الكوادر الطبية عبر تدريب كوادر جديدة وتحسين ظروف العمل.

في المقابل، ألقت وزارة التعليم العالي، المسؤولة عن المشافي الجامعية، باللوم على “تراكمات النظام السابق”، مؤكدة أنها تعمل على تدارك العجز وتحسين جودة الخدمات الصحية من خلال دعم محلي ودولي.

إقرأ أيضاً: أزمة حادة في مشافي الأمراض النفسية بسوريا: نقص الأخصائيين وتزايد مرضى الفصام

إقرأ أيضاً: تزايد أزمة الأجور في سوريا: فجوة قاتلة بين الدخل والمعيشة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.