عودة اللاجئين السوريين إلى البلاد: تعهدات حكومية وتحديات خدمية تعرقل الاستدامة

تُعد عودة اللاجئين السوريين من دول اللجوء، ولا سيما دول الجوار، من أكثر الملفات تعقيدًا في المشهد السوري الراهن، نظراً لارتباطها المباشر بالأوضاع الداخلية وقدرة الحكومة في دمشق على استيعاب مئات الآلاف من العائدين عبر توفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات والسكن.

وتبقى مسألة العودة مرهونة بقدرة المؤسسات الحكومية على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، خاصة في المدن الكبرى التي تعرضت لدمار واسع خلال سنوات حكم النظام المخلوع، في وقت ما تزال فيه الدولة تعمل على إعادة تنظيم قطاعاتها الخدمية والإدارية.

بماذا تعهدت الحكومة السورية؟

قال ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، غونزالو بارغاس يوسا، إن المفوضية ترحب بتعهد الحكومة السورية خلال المنتدى العالمي للاجئين، بإيجاد حلول مستدامة لعودة اللاجئين السوريين ودمجهم ضمن السياسات والخطط الوطنية.

وأوضح يوسا، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، أن أبرز الالتزامات التي تعهدت بها دمشق تشمل:

1- ضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة عبر توفير معلومات دقيقة تمكّن اللاجئين من اتخاذ قرارات واعية.

2- تعزيز التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال برامج مشتركة للاجئين والنازحين داخليًا.

3- التنسيق مع الشركاء الدوليين لإعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الأساسية.

4- دعم التعافي المبكر عبر مشاريع تنموية، وخلق فرص عمل، وتحفيز الاستثمار المحلي.

5- إعطاء أولوية للفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.

6- الاستفادة من خبرات السوريين في الخارج لدعم التعافي الوطني.

7- تكثيف الجهود الدولية لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح.

أرقام العودة خلال العامين الأخيرين:

شهد العام الماضي والنصف الأول من العام الجاري موجات عودة واسعة شملت أكثر من 3 ملايين شخص، بينهم أكثر من مليون لاجئ عادوا من دول الجوار، إضافة إلى أكثر من مليوني نازح داخلي، بحسب نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كيلي كليمنتس.

وقالت كليمنتس، في مقابلة مع شبكة CNN مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، إن معظم العائدين يعودون طوعًا رغم التحديات، بدافع الرغبة في إعادة بناء حياتهم، إلا أن كثيرًا منهم يتوجهون إلى مناطق تعاني نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية، ما يجعل العودة مهددة بعدم الاستدامة دون دعم دولي عاجل.

وأكدت أن نجاح عودة اللاجئين السوريين يعتمد بشكل أساسي على قدرة المجتمع الدولي على توفير التمويل اللازم لإعادة تشغيل البنية التحتية من كهرباء ومياه ومدارس ومرافق صحية في مناطق العودة.

توزيع اللاجئين السوريين حول العالم:

بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يزال نحو 4 ملايين لاجئ سوري خارج البلاد، يتوزعون على النحو التالي:

تركيا: 60.7%

لبنان: 16.3%

الأردن: 11%

العراق: 7.9%

مصر: 3.1%

أفريقيا: 1.1%

لبنان يواصل خطة العودة المنظمة:

أطلقت الحكومة اللبنانية، اليوم الأربعاء، المرحلة الـ13 والأخيرة لهذا العام من خطة العودة المنظمة للنازحين السوريين إلى سوريا. وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن المرحلة الـ12، في 4 كانون الأول/ديسمبر الجاري، شهدت عودة 378 ألف نازح سوري.

معيقات رئيسية أمام العائدين:

يواجه السوريون العائدون تحديات كبيرة، أبرزها:

تأمين مأوى آمن.

الحصول على خدمات صحية وتعليمية كافية.

إيجاد فرص عمل مستدامة تتيح لهم بدء حياة جديدة بعد سنوات طويلة من اللجوء.

وفي ظل هذه التحديات، تبقى عودة اللاجئين السوريين ملفًا مفتوحًا على احتمالات النجاح أو التعثر، مرتبطًا بمدى التزام الحكومة السورية والدعم الدولي بتحويل التعهدات إلى خطوات عملية على الأرض.

إقرأ أيضاً: دمشق ترفض استقبال اللاجئين المرحّلين قسراً من السويد وتطالب بدعم مالي للتعافي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.