إضراب المعلمين والطلاب في اللاذقية: صرخة ضد العنف الطائفي

شهدت محافظة اللاذقية وعدد من المحافظات السورية الأخرى، إضراباً في قطاع التعليم، استجابة لدعوة أطلقها ناشطون وناشطات، على خلفية سلسلة من أعمال العنف الطائفي والاعتداءات التي استهدفت طلاباً ومعلمين في عدة مناطق، وسط مخاوف متزايدة على أمن البيئة التعليمية في سوريا.

خلفية الإضراب: خطف واعتداء وقتل:

تصاعدت وتيرة الإضراب بعد حادثة اختطاف الطالب محمد حيدر، الذي لا يتجاوز عمره 14 عاماً، من أمام مدرسته في مدينة اللاذقية، في حادثة هزت الرأي العام، وسلّطت الضوء مجدداً على الانفلات الأمني في محيط المؤسسات التعليمية.

كما شهدت مناطق أخرى اعتداءات صادمة، من بينها إصابة الطالب ريبال بركة المنتمي للطائفة الدرزية بجروح خطيرة داخل حرم جامعته، ومقتل المعلمة ليال غريب بإطلاق نار مباشر أثناء توجهها إلى مدرستها في محافظة حمص.

الإضراب التعليمي في سوريا: استجابة متفاوتة ومخاوف من القمع:

استجابت عدة مدارس في محافظات اللاذقية، طرطوس، حمص، وحماة لدعوة الإضراب، حيث امتنع المدرسون والطلاب عن الحضور، في خطوة احتجاجية تهدف إلى رفض العنف الطائفي والمطالبة ببيئة تعليمية آمنة ومحايدة.

إحدى المعلمات في اللاذقية، طلبت عدم ذكر اسمها، أوضحت أن الاستجابة للإضراب في يومه الأول كانت ملحوظة، لكنها تراجعت في اليوم الثاني بسبب الخوف من التهديدات التي أصدرتها مديرية التربية، والتي اعتبرت الغياب “سلوكاً خاطئاً” ووجهت بحسم درجات من الطلاب وطلب تعهدات من الأهالي.

وأضافت المعلمة لجريدة “الأخبار”: “في مدرستين متجاورتين، إحداهما ذات غالبية علوية والأخرى سنية، كانت نسبة الغياب في الأولى 75%، بينما الثانية شهدت دواماً شبه كاملاً. وهذا يعكس البعد الطائفي في التفاعل مع الحدث، وخوف الأهالي على أبنائهم”.

السلطة ترفض الاحتجاج: تهديدات وعقوبات:

أفاد عدد من المعلمين بأن وزارة التربية أرسلت موجّهين لمراقبة الالتزام بالدوام، مهددة الطلاب والمعلمين بعقوبات، من بينها حسم درجات مادة السلوك واستدعاء أولياء الأمور.

أحد المدرسين أشار لـ “الأخبار” أن: “السلطة أوضحت موقفها الرافض لأي شكل من أشكال الاعتراض أو التضامن، خاصة عندما يكون المستهدف من الأقليات، وهو ما جعل كثيرين يمتنعون عن المشاركة خوفاً من العواقب”.

طارق حمدان: الإضراب بذرة وعي مدني في وجه العنف:

يرى الناشط المجتمعي طارق حمدان أن الإضراب يمثل شكلاً من أشكال الاحتجاج السلمي المشروع، ويصفه بأنه “بذرة وعي مدني” تحاول استعادة الصوت المجتمعي بعد سنوات من القمع والانقسام.

وأضاف حمدان أن نجاح الإضراب يُقاس بثلاثة أبعاد:

رمزياً: حيث يعيد للناس الشعور بالقوة الأخلاقية.

مجتمعياً: من خلال التوحد حول مطلب إنساني يتجاوز الطوائف.

مؤسساتياً: برصد رد فعل السلطة التي تمارس الإنكار أو القمع.

واختتم حديثه قائلاً: “رغم محدودية الاستجابة، فإن استمرار هذا النوع من الضغط الشعبي، حتى وإن كان صغيراً، قد يؤدي إلى تغييرات تدريجية في تعامل الدولة مع ملف التعليم والأمان العام”.

التعليم في خطر.. هل يسمع أحد؟

الإضراب الأخير في قطاع التعليم في سوريا، وتحديداً في اللاذقية، يعكس حالة القلق والخوف الحقيقي الذي يعيشه الطلاب والمعلمون في ظل غياب بيئة آمنة، وانتشار العنف الطائفي والتراخي الأمني. وبينما تحاول السلطة قمع أي محاولة للتعبير أو الاعتراض، تبقى أصوات المجتمع المدني محاولات ضرورية، وإن كانت محدودة، للتذكير بأن التعليم يجب أن يكون مقدساً، وخارج كل الصراعات.

إقرأ أيضاً: من الخطف إلى غياب المقاعد.. التعليم في سوريا يدق ناقوس الخطر!

إقرأ أيضاً: اقتحام كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق وحجز عميد الكلية.. التعليم في سوريا إلى أين؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.