مرح ياسين حسن: قصة إلهام سورية تشعل سماء أدب الطفل والإعلام الرقمي من دمشق إلى العالم
من قلب عين الشرقية الهادئ في ريف جبلة باللاذقية، انطلقت الكاتبة السورية الشابة مرح ياسين حسن (27 عاماً) في رحلة إبداعية مذهلة، محطمةً الحواجز الجغرافية دون أن تغادر وطنها. في غضون ثلاث سنوات فقط، سطع نجم مرح كقوة دافعة في عالم أدب الأطفال والإعلام مرح ياسين لتصبح قصة نجاح ملهمة تُروى عن الإصرار والشغف الذي يولد من رحم دمشق.
انطلاقة كالبرق: من الحكاية الورقية إلى الشاشة التفاعلية
لم تكتفِ مرح بكتابة القصص الهادفة، بل وسعت آفاقها لتشمل سيناريوهات وأغاني الأطفال، مقدمة أعمالها المبتكرة عبر قنوات ومنصات عربية بارزة. إنها ليست مجرد كاتبة، بل صانعة محتوى إبداعي يلامس قلوب الصغار ويثريهم:
توهج في المجلات العربية: كتاباتها الممتعة تزين صفحات مجلات مرموقة مثل “حكيم” الأردنية، و**”العصافير” الجزائرية، و”الأطفال وفارس”** المصرية.
بصمة خاصة في النشر: أطلقت قصصاً وروايات خاصة بها، أبرزها قصة “الدب الكسول والنحل”، ورواية “كلاديوس” الفاتنة التي تمزج الأساطير بالخيال الرومنسي، والتي ستتوفر نسخة إلكترونية منها في سوريا قريباً.
غزو الشاشات العربية: بخطوات واثقة، دخلت مرح عالم الإنتاج المرئي:
أنجزت مسلسلها الوثائقي الأول “رحلة فلفول”، الذي صوّر في أبو ظبي، وقدم محتوى تعليمياً جذاباً للأطفال.
تعمل حالياً على كتابة مسلسل الدراما الكوميدي “لغتنا الجميلة” الذي يُصور في الإمارات، ليسلط الضوء على المعالم الثقافية الإماراتية بطريقة مبتكرة.
وامتد تأثيرها حتى الأوساط الأكاديمية، حيث أثرت المكتبة البحثية بدراسة قيمة حول الأطفال المهمشين، نُشرت في مجلة “خطوة” التابعة للمجلس العربي للطفولة والتنمية ضمن فعاليات مؤتمر جنيف في السعودية.
من صالات الحقوق إلى سحر الإبداع: شغف يُولد من مكتبة منزلية
كشفت مرح عن رحلة تحولها الملهمة، فمن مقاعد كلية الحقوق بجامعة اللاذقية، حيث لم تجد شغفها الحقيقي، قادتها قراءاتها النهمة إلى عالم الكتابة. منذ سن الثامنة عشرة، استهوتها الروايات والكتب الثقافية الغنية في مكتبة منزلها. عام 2023 كان نقطة الانطلاق الرسمية، حيث بدأت بكتابة قصص الأطفال للمجلات الشهرية.
بجرأتها، تواصلت مع دور نشر خارجية، لتجد الدعم الكبير من دار “هدوء” للطباعة والنشر للروائي فواز عزام، الذي كان له دور محوري في صقل موهبتها وتوجيهها، ليصدر عنها أول أعمالها الروائية “كلاديوس”.
تحدياتٌ تُصقل الموهبة: إبداعٌ متواصل من قلب سوريا
لم يكن دخول مرح مجال كتابة السيناريو مخططًا له، لكن ثراء تفاصيل رواياتها شجعها على خوض هذا التحدي. وبدأت رحلة إنجاز مسلسلها الوثائقي الأول “رحلة فلفول” بالتعاون مع المخرج مجد طالب الحجلي، بأسلوب سلس وجذاب للأطفال.
تحديات العمل لم تكن هينة، خاصة الالتزام بمواعيد التسليم الدقيقة في ورش كتابة السيناريو الجماعية: “أحياناً كنت أضطر للكتابة لأكثر من ست ساعات متواصلة لتعويض أي تأخير، وكان زوجي يساعدني في تصحيح الأخطاء الإملائية”، تقول مرح. وتضيف: “واجهت أياماً لم أتمكن فيها من إنجاز حلقة كاملة، خاصة كوني أماً لطفلين”. لكن هذه التحديات لم تثنِها.
الأكثر إلهاماً هو تأكيد مرح بأنها تنجز جميع أعمالها من داخل سوريا دون الحاجة للسفر، لتكون نموذجاً حياً على أن الشعب السوري يتمتع بالثقافة والإبداع أينما حل، وأن الإصرار يفتح أبواب العالمية من قلب الوطن.
بناء جيل واعٍ: القصة كجسر للمعرفة والترفيه
إلى جانب كتاباتها، تحمل مرح على عاتقها رسالة تربوية نبيلة، فهي تقدم دروساً للأطفال في مجالات متنوعة، وتسعى لدمج خبرتها الثقافية في أعمالها التعليمية. هدفها تحويل الدروس والمعلومات إلى قصص جذابة ومحتوى ترفيهي ممتع، إدراكاً منها أن جيل الأطفال الحالي يحتاج إلى محتوى شيق يجمع بين المتعة والفائدة، سواء في المعلومات الاجتماعية، العلوم، أو الوثائقيات.
مرح ياسين حسن ليست مجرد كاتبة، بل هي قصة نجاح سورية تُشعل الأمل، وتُظهر كيف يمكن للشغف والموهبة أن يصلا إلى العالمية من قلب الوطن، ليضيئا دروب المعرفة والترفيه لأجيال المستقبل.
اقرأ أيضاً: من العزلة إلى الصداقة: خطوات عملية لمساعدة طفلك على الاندماج