صلاحيات “ماهر الشرع” تثير تساؤلات دستورية.. ومخاوف من تغييب دور مجلس الوزراء
أثار مشروع القانون المالي الأساسي الجديد في سوريا موجة من الجدل السياسي والدستوري، بعد الكشف عن مسودة قانون تمنح الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية صلاحيات واسعة كانت حتى الآن حكرًا على مجلس الوزراء السوري، وفقًا لنصوص الدستور. ويقود هذه الأمانة العامة ماهر الشرع، شقيق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ما أثار شكوكًا حول وجود تداخل في السلطات، واتهامات بالمحسوبية، وسط غياب أي تفسير رسمي من الحكومة.
مواد مثيرة للجدل تمنح “ماهر الشرع” صلاحيات مجلس الوزراء:
وفقًا لنص المادة 19 من مشروع القانون، تُمنح الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، وتحديدًا أمينها العام، صلاحية فتح اعتمادات مالية استثنائية بالتنسيق مع الوزراء المختصين، في حالات الكوارث والطوارئ أو التحديات الاقتصادية التي تؤثر على الموازنة العامة.
كما كشفت المادة 26 عن دور جديد للأمانة العامة في دراسة مشروع الموازنة العامة للدولة واعتماده ورفعه إلى رئيس الجمهورية، متجاوزة الدور التقليدي لمجلس الوزراء ووزارة المالية.
انتقادات وتحذيرات من مخالفة الدستور:
الخبيرة الاقتصادية رشا سيروب أثارت الجدل أكثر بتساؤلات نشرتها عبر حسابها الرسمي، تسألت فيها عن السند الدستوري لنقل هذه الصلاحيات من السلطة التنفيذية إلى مؤسسة غير خاضعة للرقابة البرلمانية.
وأكدت سيروب أن هذا التحول يمس جوهر مبدأ فصل السلطات ودولة القانون، مشيرة إلى أن هذه التعديلات لم تكن لتُطرح لولا أن شقيق الرئيس الانتقالي هو من يشغل منصب الأمين العام للرئاسة.
تغييب المساءلة وتعزيز مركزية القرار:
من الناحية القانونية، ينص الدستور السوري على أن مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية العليا المسؤولة عن رسم السياسات العامة وإدارة شؤون الدولة المالية، بينما تعد الأمانة العامة للرئاسة جهازًا إداريًا معاونًا للرئيس، ولا يحق لها ممارسة صلاحيات تنفيذية مستقلة.
ويرى مراقبون أن نقل هذه الصلاحيات يمثّل خللاً في التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية، ويعزز من مركزية القرار داخل مؤسسة الرئاسة، في مرحلة كان يُفترض أن تتسم بالانفتاح والشفافية وبناء مؤسسات مستقلة.
لجنة اقتصادية سرية بقيادة حازم الشرع تثير مزيدًا من الجدل:
أبعاد القضية توسعت بعد تحقيق استقصائي أجرته وكالة “رويترز”، كشف أن حازم الشرع، الشقيق الأكبر للرئيس الانتقالي، يشرف على لجنة اقتصادية سرية تدير إعادة هيكلة الاقتصاد السوري.
ووفق التقرير، حصلت هذه اللجنة على أصول مالية تتجاوز 1.6 مليار دولار، بينها شركات كانت مملوكة لمقربين من النظام السابق، بالإضافة إلى تعاون وثيق مع شخصية مدرجة على قوائم العقوبات الدولية، تُدعى “أبو مريم الأسترالي”.
غموض وتشكيك في نوايا الإصلاح:
الحكومة لم تعلن رسميًا عن هذه اللجنة ولا عن صلاحياتها، ما زاد الشكوك حول مدى دستورية القرارات المالية والإدارية الصادرة عنها، في ظل عدم وجود آليات واضحة للمساءلة أو الرقابة البرلمانية.
ويرى محللون أن المشهد الحالي في سوريا يعكس عودة إلى نهج إدارة الدولة من خلال شبكات غير معلنة، بعيدة عن المؤسسات المنتخبة، مما يقوّض آمال الشارع السوري بإصلاح حقيقي خلال المرحلة الانتقالية.
إقرأ أيضاً: سوريا ليست مزرعة.. انتقادات تطال أحمد الشرع عقب زيارته تركيا ودول الخليج
إقرأ أيضاً: لجنة الظل.. سوريا تعيد تشكيل اقتصادها سراً وشقيق الشرع يتولى المسؤولية