كثيرة هي الصفات التي نُعت بها أولمبياد باريس الذي يشارك فيه الكيان الإسرائيلي، ومنها ما وصفه نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف لحفل الافتتاح بأنه “وصمة عار”، وقد صبغ وجود “إسرائيل” التظاهرة الأولمبية بأشكال مختلفة من التناقضات والمظاهر التي أثارت موجة واسعة من الانتقادات على مستوى العالم، وذلك بسبب بعض العروض المثيرة للجدل التي تضمنها الحفل.
وكان من أبرز النقاط المثيرة للانتقاد مشهد قيل إنه يجسد “العشاء الأخير” للسيد المسيح، والذي قدمته مجموعة من الشواذ جنسياً، الأمر الذي أثار غضباً شديداً لدى العديد من المشاهدين الذين اعتبروه إساءة للرموز الدينية والمجتمع والأسرة والطفل.
وقد عبّر الكثيرون عن استيائهم في منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصف البعض الحفل بأنه “أسوأ حفل في تاريخ الأولمبياد” و”قمة الانحطاط الأخلاقي والديني”، كما طالب آخرون بضرورة حجب بعض المشاهد التي اعتبروها غير مناسبة للأطفال والعائلات.
هذا هو حصاد التدخل الإسرائيلي في أمن الأولمبياد وتنظيم هذه التظاهرة العالمية، وما حصل وسيحصل دليل على الظلال السلبية التي تخلفها “إسرائيل” أينما حلت حتى على مستوى الرياضة، فها هي تمنح الأولمبياد أسوأ تصنيف له في التاريخ.
لقد ارتكب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالفعل جريمة بحق الرياضة والرياضيين وبحق الشعب الفرنسي وغيره من شعوب تشارك في التظاهرة الأولمبية، حين سمحت بلادة للكيان الصهيوني المجرم الغارق في دماء أبناء غزة ومجدل شمس، ودماء أبناء المنطقة في لبنان وسوريا واليمن وغيرها من دول، بالمشاركة بالأولمبياد في مخالفة واضحة وصريحة للقوانين الرياضية وقوانين الأولمبياد، والقوانين الإنسانية والحضارية التي ترفع قيمة الإنسان فوق كل القيم.
وقد تعالت أصوات من فرنسا ضد مشاركة “إسرائيل”، فطالب النائب الفرنسي إيميريك كارون، اللجنة الأولمبية الدولية بمنع الكيان “أسوة بروسيا” من المشاركة في أولمبياد باريس بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ أكثر من 9 أشهر.
وحينها قال النائب الفرنسي إيميريك كارون في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، “أنا كعضو في البرلمان عن باريس، المدينة التي تستضيف الألعاب الأولمبية، أطلب من اللجنة الأولمبية الدولية فرض عقوبات على إسرائيل كما فعلت مع روسيا، بسبب جرائم الحرب على نطاق غير مسبوق التي ارتكبها جيشها في غزة على مدار أشهر”.
وقد ظهر جلياً المعايير المزدوجة لماكرون بشكل فاقع وغير مبرر، وكان يجب على الدبلوماسية الفرنسية الضغط على اللجنة الأولمبية الدولية حتى لا يُسمح برفع العلم وما يسمى النشيد الوطني الإسرائيلي خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس، ولكن ما حصل كان على العكس من ذلك، وحصدت فرنسا نتائج كل ذلك فشلاً رياضياً وأخلاقياً وإنسانياً.
كارون كان أعلن دعمه للدعوى التي أقامتها دولة جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي وكتب منشورا على منصة “إكس” قائلاً، “تبدأ محكمة العدل الدولية اليوم النظر في شكوى جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” المتهمة بارتكاب جرائم إبادة.
كارون قالها بكل وضوح وإنصاف “وحتى لو كان الأمر لا يطاق وكان من الأسهل أن ننظر بعيداً، يجب علينا أن ننظر إلى هذه الصور المتزايدة القادمة من غزة للفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي عمداً ضد الأطفال والنساء والأبرياء، إنها إبادة جماعية، ربما أسوأ حدث حربي في هذا القرن”.
وفي 9 كانون الثاني كتب كارون، “أما حقيقة أنني نبهتكم في الأسابيع الأخيرة بشكل رئيسي إلى المجازر في غزة، فهذا لا يأتي من الهوس، بل من الإنسانية الأكثر وضوحا إن جرائم الحرب المستمرة في غزة، بطبيعتها، وحجمها، وبسبب اللامبالاة التي تثيرها بين الدبلوماسيين الغربيين، تشكل واحدة من أكثر الأحداث المروعة في تاريخنا الحديث، والتي ستظل بصمتنا إلى الأبد”.
ولم تكتف اللجنة الأولمبية الدولية برفض اتخاذ قرار تجاه الرياضيين الإسرائيليين على غرار ما اتخذته ضد الرياضيين الروس، بل أعلنت أنها بصدد اتخاذ إجراءات ضد الرياضيين الذين ينظّمون حملات مقاطعة وتمييز ضد ممثلي “إسرائيل”، وفي هذا الموقف يظهر جلياً مدى تحكم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيون بقرارات هذه اللجنة التي كالت بمكيالين تجاه روسيا و”إسرائيل” فحرمت روسيا وسمحت للكيان الصهيوني بالمشاركة في أولمبياد وصف بكل ما فيه بأنه عار على فرنسا وماكرون.