الدراما السورية… قطاع قد يحرك عجلة الاقتصاد الوطني

لم تعد الدراما مجرد أداة للترفيه أو التعبير الفني، بل باتت تُصنَّف عالميًا كأحد المحركات الاقتصادية الفاعلة، لما توفره من فرص عمل، وتولّده من دخل وقطع أجنبي، فضلًا عن ارتباطها المباشر بقطاعات حيوية كالسياحة والخدمات والتكنولوجيا.

وفي هذا الإطار، تبرز الدراما السورية كعلامة مميزة في العالم العربي، ما يجعلها مؤهلة لتكون قطاعًا إنتاجيًا داعمًا للنمو الاقتصادي في البلاد، إذا ما أُعيد تفعيل دورتها الإنتاجية المتوقفة، واستُثمرت مقوماتها بشكل ممنهج.

علامة عربية متميزة

حافظت الدراما السورية لعقود على حضور واسع في الشاشات العربية، وخاصة في لبنان والخليج والأردن ودول المغرب العربي، ما منحها جماهيرية واسعة، ومكانة متقدمة على مستوى الدراما الإقليمية.

ويرى الدكتور مجدي الجاموس، أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، أن الدراما السورية وصلت قبل عام 2011 إلى مستويات منافسة للدراما المصرية والتركية، وشكّلت “براند” فنيًا واقتصاديًا بفضل جودة الإنتاج، والطرح الاجتماعي والثقافي المتوازن، فضلًا عن المهارات العالية للفنانين السوريين.

صناعة تراجعت… وفرصة للعودة

شهدت الدراما السورية خلال السنوات الماضية تراجعًا كبيرًا، لأسباب تتعلّق بضعف التمويل، وهجرة الكفاءات، وغياب البيئة الإنتاجية الملائمة، فضلًا عن عزوف القنوات العربية عن شراء الأعمال السورية نتيجة الظروف السياسية.

ويرى الجاموس أن عودة هذه الصناعة إلى الواجهة تتطلب دعمًا مباشرًا من الحكومة، وإعادة هيكلتها ضمن رؤية وطنية شاملة، باعتبارها مشروعًا اقتصاديًا وثقافيًا متكاملًا.

رافعة اقتصادية متكاملة

يؤكد الجاموس أن صناعة الدراما قادرة على دعم الاقتصاد السوري بعدة طرق، منها توليد الدخل من بيع حقوق البث، وخلق مئات فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وتنشيط قطاعات أخرى كالسياحة، من خلال الترويج للمعالم الطبيعية والتاريخية كما حدث في مسلسل “ضيعة ضايعة” الذي أسهم في شهرة قرية السمرا بريف اللاذقية.

ويضيف أن النموذج التركي في تصدير الدراما وتحقيق عوائد سنوية تتجاوز مليار دولار، يمكن أن يُحتذى في سوريا، خاصة مع توفر المقومات الفنية والجغرافية، بشرط توفر الإرادة والدعم المؤسسي.

عوامل لوجستية واستثمارية

من جهته، يرى الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، أن تطور صناعة الدراما في أي دولة يتطلب بنية تحتية قوية، وخدمات لوجستية مناسبة، وتشريعات جاذبة للاستثمار. ويؤكد أن سوريا بحاجة إلى تطوير هذه المرتكزات، خاصة بعد سنوات من تراجع القطاعات الخدمية والإنتاجية بسبب الفساد والانهيار الإداري.

ويضيف قضيماتي أن الدراما، إذا ما أُديرت باحتراف، يمكن أن تكون من أبرز أدوات إنعاش الاقتصاد، بشرط وجود قرارات حكومية داعمة، وإعادة بناء الثقة مع السوق العربي.

خطوات مطلوبة لإنقاذ الصناعة

يشير الدكتور الجاموس إلى مجموعة من الإجراءات الضرورية لتحويل الدراما السورية إلى رافعة اقتصادية حقيقية، أبرزها:

  • إعادة تأهيل البنية التحتية للإنتاج الدرامي، بما يشمل تطوير الاستوديوهات، وإنشاء مدينة إعلامية متكاملة.

  • تقديم تسهيلات ضريبية وجمركية لشركات الإنتاج والمستثمرين في هذا القطاع.

  • دعم تسويق الأعمال محليًا عبر القنوات الرسمية، لتحفيز المنتجين على الاستمرار.

  • سن قوانين تحمي حقوق العاملين في الصناعة، وتحفّز على الاستثمار المستقر.

  • إنشاء هيئة وطنية مستقلة تُعنى بتطوير صناعة الدراما.

  • دعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص في المجال الدرامي.

  • تحويل الدراما إلى قطاع إنتاجي استراتيجي يُسهم في الناتج المحلي الإجمالي.

خاتمة

رغم ما مرت به الدراما السورية من تراجع، إلا أن الفرصة لا تزال قائمة لاستعادتها كمصدر دخل وطني، ورافعة اقتصادية وثقافية، إذا ما توفرت الإرادة والدعم الكافي، وتم التعاطي معها بوصفها صناعة لا تقل أهمية عن باقي القطاعات الحيوية في البلاد.

إقرأ ايضاً: تيسير ادريس يجسد شخصية الرئيس السابق بشار الأسد.. ما موقفه؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

اقتصاددراماسوريا
Comments (0)
Add Comment