داما بوست _ كاترين الطاس | بعد عدوانٍ إسرائيلي غاشم دمر البيوت وشرد سكانها وتسبب باستشهاد الآلاف.. دخل قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في جنوب لبنان منذ الساعة 5 صباحاً، وانقسم المراقبون بين مؤيد له على اعتبار أن المقاومة في لبنان قد أدت دورها، وبين معارض للقرار بشكل كلي مستندين إلى سؤال مهم هو أين وحدة الساحات منه؟..
وللحديث حول هذا الموضوع؛ كان لـ “داما بوست” لقاء مع الباحث السياسي وعضو مجلس الشعب سابقاً “مهند الحاج علي” والذي أشار إلى أن نقاط الاختلاف بين الفريقين المؤيدين للقرار والمعارضين هي: السيادة اللبنانية ولجنة الإشراف، انسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني، أين وحدة الساحات وأين غزة من هذه التسوية، وأين ملف الأسرى اللبنانيين الذين أسروا في بداية المعارك، كيف يحق للكيان أن يضرب أي تواجد لحزب الله في جنوب الليطاني مع الاحتفاظ بحق إمداده بالسلاح عبر سوريا.
ما هي نقاط الاختلاف؟
وتابع الباحث حديثه: “إذا ما فندنا نقاط الاختلاف نستطيع أن نصل إلى نتيجة حتمية هي أن هذا الاتفاق نصرٌ للمقاومة بكل المقاييس.. أولاً من حيث الشكل: فمن طلب وقف إطلاق النار هو نتنياهو، نعم نتنياهو تحت ضغوط قيادته العسكرية والتي بدأت ترفع أرقام كبيرة جداً عن عدد القتلى والجرحى والخسائر في العتاد، وخاصة في الأيام الأخيرة ، وجلسة الكنيست الأخيرة خير مثال على الهجوم الكاسح الذي تعرض له نتنياهو من قبل المعارضة نتيجة إقالة غالانت، وارتفاع الخسائر دون تحقيق أي نتيجة ميدانية على الأرض ودون التأثير على البنية الصاروخية لحزب الله الذي أثبت أنه يسير وفق استراتيجية واضحة على عكس الصهاينة.”
وأضاف: “وثانياً: السيادة اللبنانية محفوظة وخاصة أن السيد نبيه بري وافق على وقف إطلاق النار ضمن بنود القرار 1701، بدون زيادة حرف عليه، وأصر على أن تكون من ضمن لجنة الإشراف على تطبيق القرار قوات اليونيفيل الدولية، وهذا يعني أننا عدنا إلى قواعد الاشتباك قبل 7 أكتوبر بدون تقديم أي تنازلات للإسرائيلي.”
ربط الساحات بغزة
وأردف الباحث: “ثالثاً: موضوع ربط الساحات بغزة، علينا أن نعلم أن ما تم الاتفاق عليه هو وقف إطلاق نار وليس اتفاقية كما يسوق الإعلام العبري العربي، بعدها ستحدث نقاشات أخرى بما يخص ملف الأسرى وملف غزة، واليوم بعد موافقة نتنياهو على وقف إطلاق النار في لبنان سيزداد الضغط عليه من قبل المعارضة ومن قبل أهالي الأسرى لاتخاذ إجراء مماثل في غزة وإجراء عملية تبادل للأسرى.”
تأخير عملية الوعد الصادق 3
وأكمل: “وأعتقد أن هناك قطبة مخفية في هذا الموضوع، وهو تأخير عملية الوعد الصادق 3 المرتقبة من قبل الجانب الإيراني، وبرأيي الأخوة في القيادة الإيرانية قد أخروا الموضوع متعمدين لجعل الرد ورقة في مصلحة المفاوض اللبناني والفلسطيني، فهناك معلومات تفيد بأنه عرض على إيران أن تخفف من الضربة أو تلغيها مقابل وقف إطلاق نار في لبنان وغزة، وأعتقد أن إيران تدير العملية بكل حرفية سياسية بحيث تخدم مصالح عملية طوفان الأقصى والأيام القليلة القادمة ستثبت مدى التزام الأمريكان والصهاينة في هذا الموضوع، حيث أن إيران لا ترد لمجرد استعراض القوة، بل ترد وفق أهداف استراتيجية محددة، وبكل تأكيد سيلحظ ملف الأسرى اللبنانيين في عملية التفاوض التي ستلي وقف إطلاق النار، إذا نجح هذا الوقف بدون خروقات من الجانب الإسرائيلي.”
نتنياهو يهدد سوريا
أما بخصوص تهديد نتنياهو لسوريا، فقال الباحث: “لم أقرأ في صوت نتنياهو سوى نبرة العجز النابعة من الفشل، وأن الكيان الصهيوني لو كان فعلاً قادراً على رصد عملية تسليح حزب الله لكان رصدها من بعد حرب تموز 2006 وأوجد حلول لإيقافها، ولكن يبدو أن الإسرائيلي لا يعلم مسار الصواريخ التي تصل لحزب الله إلا بعد أن تهطل فوق رؤوس الصهاينة، بالإضافة إلى أن سوريا دولة قوية ولديها حلفاء أقوياء وقد وصلت رسائل واضحة من إيران وروسيا أن توسيع دائرة الحرب باتجاه سوريا ستكون عواقبه وخيمة على الصهاينة.”
وأكد أن “كلام نتنياهو لن يخيف سوريا أو يدفعها لتغيير سياستها اتجاه دعم المقاومة، بل على العكس، سيزيد من إصرارها على دعم المقاومين بكل الطرق المتاحة، لأن هذه الحرب أوضحت صوابة قرارات سوريا، وأيضاً خيار دعم المقاومة في سوريا هو قرار استراتيجي وليس خيار سياسي قابل للتفاوض، أو يتأثر بالتهديدات،” مردفاً: “لذلك من كل ما سبق نستطيع القول أننا أمام انتصار قوي ومدوي للمقاومة رغم الخسائر التي تعرضت لها.”
استهداف المعابر الحدودية
ووفقاً للباحث، فإن ضرب المعابر البرية بين سوريا ولبنان يأتي لتحقيق غايتين أساسيتين: الأولى أن الإسرائيلي يريد توجيه رسائل للحكومة السورية والشعب السوري أن دعم المقاومة بات يشكل هاجساً للصهاينة لذلك يريد تحقيق شيء من توازن الرعب، وإرسال رسائل للداخل الإسرائيلي على أن هناك إنجاز ميداني قد تحقق، كمان أنه يريد منع جمهور المقاومة في لبنان من العبور الآمن لسوريا وإيجاد أماكن آمنة هناك للسكن بعيداً عن نيران الحرب، وذلك لاستثمار ذلك طائفياً في لبنان بالاعتماد على أدواته من أجل خلق مشاكل اجتماعية أو فتنة طائفية إن استطاع ذلك.
وأضاف: “أما العامل الثاني هو قطع كل خطوط التبادل التجاري بين سوريا ولبنان ومنع وصول المساعدات الإنسانية عبر الأراضي السورية وخاصة أن سوريا هي الرئة الوحيدة للبنان، لتعقيد الموقف اجتماعياً أمام الحكومة اللبنانية وإجبارها على تقديم تنازلات لم يستطيع نتنياهو الحصول عليها في الميدان.”
اقرأ أيضاً: حزب الله يزداد شراسةً.. ماذا بعد استهداف وزارة “الجيش الإسرائيلي”؟