الأدوية النفسية ليست “وحشاً”!.. إليك الحقيقة

داما بوست – مارينا منصور| لا يكاد أحدهم يذكر حاجته لطبيب نفسي إلا وتنهال عليه آراء “الخبراء” المحيطين به بألا يحاول الدخول في هذه “المعمعة”، خوفاً من أن يصف له الطبيب أدوية نفسية تودي به إلى الإدمان، ليدخل الشخص بوابل آخر من النصائح التي تدعو إلى المصالحة مع الذات والتقرّب من الله والصلاة.

ولتوضيح الموضوع من وجهة نظر علمية، ورفع التوعية بهذا الشأن، ومعرفة الصواب من “اللغط”، تواصلنا مع الطبيب النفسي رفيف المهنا، والذي كشف لـ”داما بوست” أن تقييم حاجة المريض للأدوية النفسية من عدمها يعتمد على الاستشارة الطبية النفسية، لافتاً إلى أن الموضوع قد يبدأ بمراجعة طبيب عام، وهو بدوره يوجّه المريض للاستشارة النفسية، ويمكن للمساعد النفسي أن يقرر إذا كان المريض بحاجة إلى استشارة طبيب نفسي.

وبيّن المهنا أن لكل مرض درجات، فهناك درجات لا تحتاج لعلاج دوائي، ويتقرر ذلك بعد تقييم الطبيب، موضحاً أن لكل مرض استطباب دوائي واستطباب غير دوائي، عدا الأمراض الكبرى الذهانية التي تحتاج حكماً للعلاج الدوائي.

وأشار الطبيب إلى أن بعض الأدوية النفسية تسبب التعوّد، فبعد وقت معين تصبح تأثيرات بعض الأدوية غير مجدية، وتدخل بمرحلة التأثير غير الفعال، والتي يسميها بعض الناس “الإدمان”، أي لا يستطيع المريض ألا يأخذها، وهذا طبيعي كأي نوع أدوية مثل أدوية الضغط أو أدوية الغدة الدرقية أو أدوية السكري، فلا يستطيع الجسم بدونها بعد دخوله بتوازن معين، لافتاً إلى أنه لدى إيقاف هذه الأدوية يجب إيقافها بطريقة خاصة، فمهارة الطبيب لا تعتمد على وصف الدواء فقط، بل “الشطارة” بطريقة إيقاف الدواء، لأنها تقرر التأثير الإدماني، إذ يمكن إيقاف الأدوية النفسية دون أن تؤذي المريض.

وأوضح المهنا أن غالبية الأدوية التي تسبب الإدمان هي الأدوية المضادة للقلق “البنزوديازبينات”، أما الأنواع الأخرى كالأدوية النفسية الكبرى، لا يمكن القول عنها أنها “إدمانية”، مبيناً أن المريض يصبح بحاجتها وتصعب عليه الحياة دونها بسبب توصّل الجسم إلى توازن معيّن عن طريقها.

وحول حالة مريضة طرحناها على الطبيب، كانت قد أخذت أدوية مهدئة لفترات طويلة دون استشارة مختص، ما تسبب لها بإدمان على هذه الأدوية لينتهي بها الأمر في العلاج بمصح، علّق الطبيب بأن المرضى في سوريا مشهورون بعدم سماع كلمة الطبيب، ويتعاملون بعشوائية مع الأدوية، فنادراً ما يجد الطبيب مريضاً ملتزماً، مشيراً إلى أن خروج الطبيب من المعادلة العلاجية بعد وصف الدواء، يؤدي لانكسار حلقة “طبيب – مريض – دواء” وتصبح فقط “مريض – دواء”، فيجد المريض نفسه أما الدواء لوحده، لعدم رغبته بالرجوع إلى الطبيب بسبب التكلفة العلاجية أو عدم ثقته به أو غيرها.

وأضاف: “يتوقف الموضوع كثيراً على علاقة الطبيب بالمريض، فأي تناول عشوائي لأي نوع دواء سيحدث مشاكل، لذلك يجب المحافظة على حلقة (طبيب – مريض – دواء)، والحرص على عدم خروج الطبيب منها تفادياً لحدوث مشاكل”.

وبخصوص موضوع امتناع المرضى عن مراجعة الطبيب النفسي خوفاً من وصف الأدوية النفسية، ذكر المهنا أن المريض النفسي لا يراجع الطبيب في بداية المرض، وغالباً يأتي بمرحلة متوسطة إلى شديدة، فيكون العلاج الدوائي هو الخيار الوحيد أمام الطبيب، بالإضافة إلى إهمال المريض وتحمله للضغط، لافتاً إلى أن بعض المرضى يتباهون بقدرتهم على تحمل الضغط النفسي، فيصل المريض إلى الطبيب بأشد حالاته سوءاً، ويكون العلاج المعرفي السلوكي صعباً، فيلجأ الطبيب إلى الخيار الوحيد أمامه، وهو العلاج الدوائي، لذلك مرحلة المرض هي التي تقرر خطة العلاج.

وأفاد الطبيب أن المريض بكثير من الأحيان يمكنه أن يقرر مرحلة العلاج، وكل ما كان الذهاب إلى الطبيب أبكر كلما يتم التقاط الأعراض النفسية باكراً، وتكون خيارات العلاج أوسع، وخيار العلاج الدوائي أقل.

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر

الأدوية النفسيةالإدمانالطبيب النفسيالمعالج النفسي
Comments (0)
Add Comment