اعتبر مصرف سوريا المركزي أن الاقتصاد السوري يعد اقتصاداً صغيراً تعرض للعديد من الأزمات والعقوبات الاقتصادية التي حدت من تنشيط قطاعاته بالشكل الأمثل، مما أسهم بارتفاع معدلات التضخم، ما أوجب تدخل السياسات النقدية والاقتصادية لمواجهته.
وبحسب صحيفة الثورة المحلية يشير المركزي في دراسة له حول “انتقال أثر السياسة النقدية في الأسواق الناشئة” إلى أن السياسة النقدية تمتلك مجموعة من الأدوات تحاول من خلالها نقل سياستها للتأثير على مستويات التضخم ومن بينها قنوات سعر الصرف والفائدة والائتمان، إلا أن الضغوط والظروف العالمية والمحلية تعيق انتقالها بالشكل الأمثل، إضافة إلى عدم كفاية هذه القنوات لمعالجة مسالة التضخم، والحاجة إلى تدخل كبير وفعال ومتكامل من أدوات السياسة الاقتصادية الأخرى.
وبين المركزي في دراسته أن التضخم ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة في العديد من الاقتصاديات، مدفوعاً بعوامل عدة يبرز منها اضطراب سلسلة التوريد المرتبطة بجائحة كوفيد- 19، وارتفاع صدمات أسعار السلع الأساسية الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية، ولكن وبعد عقود من السياسة النقدية المتساهلة لجأت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم إلى مواجهة عدة مسائل سياسية مهمة مثل تحقيق التوازن في إدارة الضغوط التضخمية، ودعم التعافي الاقتصادي الناشئ، ومع ذلك فإن انتقال السياسة النقدية في الأسواق الناشئة والنامية ضعيف تاريخيا بسبب الأسواق المالية غير المتطورة، والتدخل الكبير للمصارف المركزية.
وأشار المركزي في دراسته إلى ما بحثته ورقة أُعدت لصالح صندوق النقد الدولي، من انتقال السياسة النقدية في ماليزيا (على اعتبارها اقتصاد سوق ناشئ تحول إلى إطار سعر الفائدة) ودور العوامل الخارجية، مع دراسة إمكانية إسقاط نتائج التجربة على دول ناشئة أخرى، وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 2004- 2019 باستخدام البيانات الشهرية للبنك المركزي الماليزي، حيث أظهرت دور مهم للعديد من القنوات التي يتم من خلالها انتقال السياسة النقدية مثل قنوات الائتمان، وكذلك سعر الصرف وسعر الفائدة، ودور أدوات السياسة كالتدخل في صرف العملات الأجنبية FXI, ناهيك عن وأدوات إدارة السيولة والاحتياطي القانوني، أما بالنسبة للعوامل الخارجية التي درستها الورقة فتشمل السياسة النقدية العالمية، وأسعار السلع العالمية وتأثيراتها على انتقال السياسة النقدية في اقتصاد صغير مفتوح مثل ماليزيا.
النتائج التي خرجت بها الورقة التي أُعدت لصالح صندوق النقد الدولي، أظهرت أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية لا يضعف من نقل أثر السياسة النقدية في السوق الماليزي والأسواق الناشئة الأخرى كذلك، كما أن تشديد السياسة النفطية العالمية يعد مكملا للجهود المحلية لتحقيق استقرار الأسعار من خلال إحداث انكماش عالمي، وأخيراً أوضحت الورقة أن انتقال السياسة النقدية يتأخر ويضعف في بيئة تضخمية مرتفعة، مع ما يعنيه ذلك من احتمال اتخاذ إجراءات سياسية أكثر صرامة واستباقية.