التصعيد الإسرائيلي الإيراني: الموقف السوري بين السلام المشروط والضغط الأميركي

داما بوست -خاص

في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني، تراقب الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع المشهد الإقليمي بعين حذرة، تحاول موازنة خطاب دبلوماسي يتحدث عن السلام والحوار، مع واقع ميداني يؤكد أن الخطر الإسرائيلي لا يزال قائمًا، ولا سيما في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان وتكرار الغارات الجوية على الأراضي السورية.

رغم أن الحكومة الانتقالية تحاول تقديم نفسها كطرف يسعى إلى تخفيف التوتر، وتلمس طريقًا نحو السلام، فإنها تواجه تحديات كبيرة من الداخل. فالرفض الشعبي لـ “إسرائيل” لا يزال عميقًا وجذريًا، ويعتبرها السوريون قوة احتلال لا يمكن التفاوض معها إلا عبر تحقيق شروط واضحة تستند إلى استعادة الأرض والحقوق.

 

الضغط الأمريكي ودوره في الملف السوري-الإسرائيلي

يلعب الجانب الأمريكي دورًا محوريًا في هذا الملف، حيث تتخذ واشنطن مواقف متشابكة تهدف إلى توجيه مسار الأحداث بما يخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. الولايات المتحدة تسعى من خلال دعمها لـ “إسرائيل” إلى فرض معادلات جديدة في المفاوضات، خاصة فيما يتعلق بالجولان السوري المحتل.

الضغط الأمريكي على الحكومة الانتقالية في دمشق يأتي عبر آليات متعددة، منها التهديدات بالعقوبات الاقتصادية، والضغوط السياسية عبر قنوات دبلوماسية، بهدف دفع دمشق إلى قبول شروط قد تُضعف من موقفها في التفاوض. تسعى واشنطن إلى استغلال رغبة الحكومة في استعادة الشرعية الدولية وتحسين علاقاتها الخارجية لتوجيهها نحو تسوية تقبل بها “إسرائيل”، حتى لو كانت على حساب بعض الحقوق الوطنية.

مع ذلك، تبقى الحكومة الانتقالية في موقع صعب، حيث تحاول التوازن بين هذا الضغط الخارجي والمطالب الشعبية التي ترفض بشدة أي شكل من أشكال التطبيع أو التنازل عن الأرض.

 

القرار 242 ودوره في الدفاع عن الحقوق السورية

تمثل قرارات مجلس الأمن، وبالأخص القرار 242 الصادر في أعقاب حرب 1967، المرجعية القانونية الأهم في هذا الصراع. يؤكد القرار على “انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها خلال النزاع”، وضرورة احترام “سيادة وسلامة وسلام الدول في المنطقة”.

 

التحديات الإقليمية والدور التركي

لا يمكن إغفال الدور التركي في هذه المعادلة، حيث تلعب أنقرة دورًا وسيطًا معقدًا، يتقاطع مع مصالحها الإقليمية المتغيرة. تحاول تركيا استثمار ملف الصراع السوري-الإسرائيلي لتوسيع نفوذها في المنطقة، من خلال مواقف متقلبة بين دعم الحكومة الانتقالية وأحيانًا تقديم مبادرات تحاول التوسط بين دمشق و”تل أبيب”.

هذا الدور التركي يزيد من تعقيد الموقف، ويضع الحكومة الانتقالية في مواجهة مع متغيرات خارجية يصعب التنبؤ باتجاهها.

 

الواقع الشعبي السوري

على الرغم من كل هذه الديناميات، يظل الشعب السوري متماسكًا في موقفه الرافض للاحتلال الإسرائيلي. يحتفظ السوريون بذاكرة جماعية من الألم والعدوان المستمر، ويرون في “إسرائيل” تهديدًا وجوديًا يتجاوز مجرد خلافات سياسية أو حدود جغرافية.

لا يزال الرفض الشعبي لأي شكل من أشكال التطبيع أو التنازل عن الأرض حاضرًا بقوة، ويشكل ضغطًا مباشرًا على الحكومة الانتقالية، التي تجد نفسها في مواجهة مطالب متزايدة بالتمسك بالحقوق الوطنية وعدم الانصياع للضغوط الدولية التي قد تضعف الموقف السوري.

 

الاحتمالات المستقبلية

في ظل هذه المعطيات، يبقى مستقبل الموقف السوري تجاه التصعيد الإسرائيلي-الإيراني مفتوحًا على عدة احتمالات. فمن جهة، قد يستمر الضغط الدولي، وخاصة الأمريكي، لدفع الحكومة الانتقالية نحو خيارات تسوية سياسية تقبلها “إسرائيل”، مع احتمال حدوث تنازلات على حساب بعض الثوابت الوطنية.

ومن جهة أخرى، قد تصمد دمشق أمام هذا الضغط بفضل الدعم الشعبي والتمسك بالقانون الدولي والقرارات الأممية، مما قد يؤدي إلى استمرار حالة التوتر وعدم الاستقرار، وربما تصعيد محدود أو حرب بالوكالة في المنطقة.

كما لا يمكن استبعاد دور الفاعلين الإقليميين مثل تركيا، التي قد تغير من مواقفها أو تدخل في مبادرات جديدة تحمل معها فرصًا للتفاوض أو تعقيدًا أكبر.

في النهاية، يبقى الموقف السوري معلقًا بين رغبة السلام المشروط بالخروج من الاحتلال ووقف العدوان، وبين واقع معقد تفرضه الضغوط الدولية والإقليمية، ما يجعل أي قراءة مستقبلية بحاجة إلى متابعة مستمرة للتطورات.

إقرأ أيضاً: إسرائيل تفرض واقعًا جديدًا في الجنوب السوري.. وصمت حكومي يثير الغضب الشعبي

اقرأ أيضاً: رويترز: لقاءات أمنية مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين لمنع التصعيد على الحدود

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

أحمد الشرعأمريكاالتصعيد الإسرائيلي الإيرانيتركياسوريا
Comments (0)
Add Comment