السويداء تحت الرماد: شعارات طائفية وجثث في الشوارع وسط تحذيرات من كارثة صحية

تشهد مدينة السويداء جنوب سوريا مشاهد مأساوية وصادمة، عقب أسبوع من المواجهات المسلحة بين فصائل محلية درزية، وعشائر بدوية، وقوات تابعة للحكومة السورية الانتقالية، حيث كشفت صور وتقارير ميدانية حجم الدمار البشري والمادي، في ظل تحذيرات من كارثة إنسانية وبيئية وشيكة.

ورصدت منصات محلية من بينها “السويداء 24” شعارات طائفية كُتبت على جدران أحياء مدمّرة، منها “جئناكم بالذبح”، و”كلنا أحمد الشرع”، و”دولة الجولاني باقية”، في وقت لا تزال فيه عشرات الجثث ملقاة في الشوارع وحدائق المشافي، بعضها في حالة تحلل، وفق ما وثّقته مصادر طبية محلية.

حصيلة ثقيلة للضحايا

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 558 شخصاً، بينهم نساء وأطفال وكوادر طبية وإعلامية، إضافة إلى أكثر من 780 جريحاً خلال المواجهات التي اندلعت منذ 13 تموز/يوليو، بينما وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 1120 شخصاً من مختلف الأطراف.

أوضاع إنسانية حرجة

من داخل مشفى السويداء الوطني، أكد أحد الأطباء لشبكة “السويداء 24″ أن عدد الجثث التي وصلت إلى المشفى يفوق قدرته الاستيعابية، محذّراً من خطر تفشي أمراض نتيجة التفسخ، في ظل غياب أي استجابة من السلطات الصحية، واصفاً تصريحات وزير الصحة بـ”المضللة”.

في السياق، اعتبر صحفيون محليون أن المدينة باتت “منكوبة”، بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت، وتعطّل الخدمات الأساسية، وتقييد حرية الحركة، مما يصعّب عمليات التوثيق والتعامل مع الأوضاع الطارئة.

انتقادات للسردية الإعلامية الرسمية

اتهم ريان معروف، رئيس تحرير “السويداء 24″، وسائل إعلام رسمية وموالية للحكومة بـ”التحريض والتضليل”، مشيراً إلى أن عدداً من الصحفيين الذين دخلوا المدينة بعد انتشار القوات الرسمية “غطوا فقط صور الشرطة وتنظيف الشوارع، متجاهلين المأساة الإنسانية”، على حد تعبيره.

ودعا معروف إلى رفض كل أشكال العنف والانتهاكات بغض النظر عن هوية الضحايا أو الجهة المنفذة، محذراً من تصاعد الخطاب الطائفي في الإعلام ومنصات التواصل، وما يمكن أن ينتج عنه من تأجيج إضافي للوضع المتدهور.

جهود حكومية لاحتواء الأزمة

في المقابل، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن الحكومة السورية تبذل جهوداً مستمرة لاحتواء التوتر، وتعمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وتسهيل عودة مؤسسات الدولة، إلى جانب تأمين عمليات إجلاء المدنيين الراغبين بمغادرة المدينة مؤقتاً.

وشهد يوم الإثنين انطلاق أول دفعة من عائلات عشائر البدو المحتجزة من داخل السويداء نحو محافظة درعا، وفق اتفاق ترعاه أجهزة الأمن الداخلي، في خطوة وُصفت بأنها جزء من خطة تدريجية تهدف لتخفيف حدة الاحتقان.

وتبقى محافظة السويداء أمام اختبار صعب، مع غياب مبادرات فاعلة لاحتواء الانقسام المجتمعي، وتزايد المخاوف من اتساع رقعة العنف في غياب حلول سياسية شاملة تعيد الاعتبار للعدالة والكرامة لجميع السوريين.

اقرأ أيضاً: السويداء بين فخ الدولة وفوضى السلاح: الجزء الأول

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

السويداءالشبكة السورية لحقوق الإنسانمشفى السويداء الوطني
Comments (0)
Add Comment