الحرائق والجفاف يهددان النحل السوري.. إنتاج شبه معدوم ومخاوف من انقراض السلالة

تسببت موجات الحرائق والجفاف التي شهدتها عدة مناطق سورية، لاسيما في الساحل، بخسائر فادحة في قطاع تربية النحل، ما أدى إلى تراجع حاد في إنتاج العسل، وأثار مخاوف متزايدة من انقراض سلالات النحل السوري المحلية.

وأدت هذه الحرائق إلى تدمير مساحات واسعة من الغطاء النباتي الذي يشكل المصدر الأساسي لغذاء النحل، إضافة إلى صعوبات أخرى أبرزها ارتفاع تكاليف التنقل بين المراعي، وتراجع الطلب المحلي، وغياب فرص التصدير.

خسائر متراكمة

وفق تقديرات الخبير في الإنتاج الحيواني وعضو اتحاد النحالين العرب، عبد الرحمن قرنفلة، خسر قطاع النحل في سوريا أكثر من 85% من خلاياه مقارنة بعام 2010، مشيرًا إلى أن الحرائق الأخيرة في المناطق الساحلية ألحقت أضرارًا مباشرة بنحو 15–20% من الخلايا المتبقية.

وأضاف قرنفلة أن انخفاض المساحات المزروعة بالمحاصيل الرحيقية مثل اليانسون وحبة البركة وعباد الشمس، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، ساهم في ضعف الإنتاج وتفشي أمراض بين النحل.

وأوضح أن الضغوط البيئية والمناخية، واستخدام المبيدات، والتوسع العمراني، والتعدي على الغابات، كلها عوامل تهدد استقرار النظم البيئية التي تعتمد على التلقيح الطبيعي، ما ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي.

شهادات من الميدان

النحال تمام العلي من محافظة حمص وصف الموسم الحالي بـ”الضعيف”، موضحًا أن النحل تضرر من الجفاف ورش المبيدات، إلى جانب صعوبة التنقل بسبب الأوضاع العامة. وقال إن ضعف القدرة الشرائية قلل الطلب على العسل محليًا، في ظل غياب فرص للتصدير الخارجي.

وتتراوح أسعار العسل بين 100 و150 ألف ليرة سورية للكيلوغرام، بحسب الجودة والمنطقة، أي ما يعادل 10–15 دولارًا.

أهمية بيئية وغذائية

بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يساهم النحل وغيره من الملقحات في نحو 35% من إجمالي إنتاج المحاصيل في العالم، ويعد التلقيح ضروريًا لـ 87 من أصل 115 محصولًا غذائيًا رئيسيًا. وتُقدَّر القيمة الاقتصادية السنوية للتلقيح عالميًا بـ153 مليار يورو.

دعوات لوضع استراتيجية وطنية

دعا قرنفلة إلى إطلاق استراتيجية وطنية شاملة لإنقاذ تربية النحل، يشارك فيها النحالون، وتشمل نشر النباتات الرحيقية، وتأسيس محميات خاصة، وتقديم دعم مباشر للنحالين، إضافة إلى تطوير أساليب الإنتاج وتعزيز التسويق المحلي والخارجي.

كما شدد على ضرورة إحياء مشروع تأصيل سلالة النحل السوري المحلي، الذي أُطلق سابقًا في موقع “الرحملية” بمحافظة اللاذقية.

جهود حكومية محدودة

من جهته، أكد مدير الشؤون الزراعية في وزارة الزراعة، المهندس أحمد دياب حيدر، أن عدد خلايا النحل في سوريا بلغ حتى عام 2024 نحو 532,545 خلية، مشيرًا إلى أن الحرائق ألحقت ضررًا مباشرًا بالمراعي النحلية.

وأوضح أن الوزارة تعمل على التخفيف من أثر الخسائر عبر صندوق التعويضات، الذي يمنح المتضررين نسبة 20% من كلفة الخلية، إلى جانب اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة الجفاف والحرارة، مثل تأمين الظل والمياه والخضوع لفحوص دورية.

وأشار حيدر إلى أن الوزارة أطلقت مشروعًا لإعادة تأصيل النحل السوري، خاصة السلالات المحلية المعروفة بقدرتها على التأقلم والمردودية الجيدة، لافتًا إلى استمرار العمل على تطوير محمية الرحملية لإنتاج ملكات نحل محلية مقاومة وذات إنتاجية عالية.

خطر وجودي

ومع استمرار التحديات البيئية والاقتصادية، يحذّر متخصصون من خطر اختفاء سلالات النحل السوري إذا لم تُتخذ إجراءات فورية وجادة، مشيرين إلى أن غياب هذه الملقحات قد ينعكس على التنوع البيولوجي، ويمس الأمن الغذائي بشكل مباشر، كما يهدد موردًا اقتصادياً حيويًا لعشرات الآلاف من العائلات السورية.

اقرأ أيضاً:عودة الخبز إلى ريف اللاذقية بعد تراجع الحرائق

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

إنتاج العسلالحرائق والجفافقطاع تربية النحل
Comments (0)
Add Comment