الإعلام تحت قبضة السلطة: كيف تُدار وسائل الإعلام في سوريا؟

داما بوست -يمان العبود

شكل نظام رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، لجنة اقتصادية منذ الأيام الأولى لتسلمه مقاليد الحكم بقرار من الفصائل التي قبلت بالانضمام إلى وزارة الدفاع، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها شبكة “داما بوست”، فهي عملية استنساخ لـ “المكتب الاقتصادي”، الذي كان يتبع للرئيس السابق بشار الأسد، ومهمته السيطرة على المفاصل الاقتصادية في الدولة والتملك المباشر للمشاريع الاستثمارية دوناً عن مؤسسات الدولة، وقد استهدفت “اللجنة الاقتصادية”، منذ الأيام الأولى لتشكلها مجموعة كبيرة من الملكيات الخاصة برجال الأعمال والمؤسسات الإعلامية المستقلة، من خلال عملية “وضع يد”، غير قانونية انتقلت في مرحلة لاحقة إلى “نقل ملكية”، إلى شخصيات مقربة أو مرتبطة بالنظام السوري الجديد، وأبرز المؤسسات الإعلامية الخاصة التي استملكت من قبل اللجنة هي إذاعات “شام اف ام – المدينة – نينار”، إضافة لصحيفة “الوطن”، لتضاف إلى وسائل الإعلام الحكومية، وتدار هذه المؤسسات بطرق مختلفة.

إقرأ أيضاً: سوريا الجديدة: الطاقة بوابة النفوذ وصراع الإرادات في زمن ما بعد الأسد

 

حصر المعلومات

بحسب المصادر التي تواصلنا معها من صحفيين عاملين في سوريا، فإن المعلومات الرسمية محصورة بـ “مكتب العلاقات العامة”، في وزارة الإعلام، إذ لا يجرؤ أي مسؤول على الإدلاء بتصريح أياً كان، ولأي وسيلة محلية أو خارجية بدون موافقة مباشرة من مكتب العلاقات الإعلامية، الذي يعمل فيه مجموعة من الشخصيات على رأسها “علي الرفاعي – محمد الأسمر – مصطفى كاتبي”، وكلهم من الشخصيات التي كانت تعمل ضمن المؤسسات الإعلامية التي كانت تابعة لتنظيم “هيئة تحرير الشام”، وقد تم نقلهم منذ الساعات الأولى لسقوط النظام إلى دمشق، ويصر المكتب على منح تصاريح عمل للصحفيين لا تزيد عن 15 يوماً، وفي معظم الحالات يطلب من الصحفيين تجديد التصريح كل أسبوع.

ويتبع لـ “اللجنة الاقتصادية”، مجموعة من الشخصيات التي كانت محسوبة على إعلام “هيئة تحرير الشام”، مثل “محمد الشيخ”، الذي يشغل حالياً منصب “مدير الإذاعات”، و “أوس مصطفى”، الذي يعد الأكثر تطرفاً من بين عناصر اللجنة الاقتصادية ويشرف حالياً على إذاعة دمشق بعد نقله نتيجة لمجموعة من التقارير الإعلامية التي ركزت على ما ينشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي تأييداً للقتل الطائفي وخاصة مجازر الساحل، كما يشرف “محمد السخني”، على عملية التقييم الأمني لأخبار الإذاعات ووسائل الإعلام النشطة في سوريا.

إقرأ أيضاً: تعيين المناصب في سوريا: بين شعارات التكنوقراطية وواقع الهيمنة الأمنية

 

كيف تدار وسائل الإعلام..؟

تمكنت اللجنة الاقتصادية من السيطرة على إذاعة “شام اف ام”، بحجة قالت فيها أول الأمر إن الإذاعة مملوكة بنسبة 75 بالمئة لرجل الأعمال المرتبط ببشار الأسد “يسار إبراهيم”، معتبرة أن هذه الملكية تعود لـ بشار بشكل مباشر، إلا أنها تراجعت لاحقاً عن هذه الشائعة وصارت تقدم معلومات عن كون الملكية بنسبة 51 بالمئة تعود لـ “رامي مخلوف”، ابن خال بشار الأسد ورجال الأعمال المعروف، إلا أن المعلومات التي حصلت عليها شبكة “داما بوست”، تؤكد أن الشراكة تنحصر فقط في “ترخيص الإذاعة”، وأجبر صاحبها على التنازل عن حصة بنسبة 25 بالمئة فقط لـ “رامي مخلوف”، بعد سبع سنوات من عمل الإذاعة التي انطلقت في العام 2007، بشكل مستقل تماما، وبشكل مخالف للقوانين وضعت اللجنة الاقتصادية اليد على مقر الإذاعة المملوك للإعلامي “سامر يوسف”، مؤسس ومدير الإذاعة، إضافة إلى البث الفضائي والموقع الرسمي ومنصات السوشال ميديا التابعة للإذاعة والتي تعود ملكيتها بشكل كامل لـ يوسف، وبعد أن تمت السيطرة عملت الإدارة المعينة من قبل الحكومة الانتقالية على تصفية وجود كامل الكادر السابق من خلال المضايقات على أساس طائفي للدفع بهم للتقدم باستقالاتهم، ومن بقي من مذيعين ومخرجين تم الاستغناء عنهم قبل فترة شهر من الآن بحجة “وضع استراتيجية جديدة لا مكان لهم فيها”، وتعمل الإذاعة من خلال مجموعة كبيرة من التقارير وساعات البث الإذاعي على ممارسة خطاب الكراهية والتحريض ضد كل من تراه إدارة المحطة مناسباً لـ “تهمة فلول”، أو “شبيح”.

السيطرة على إذاعة المدينة ونينار تمت بشكل ورقي، إذ إن الاذاعتين كانتا من بين المؤسسات التي تعرضت لعمليات سطو وسرقة خلال يوم 8 كانون الأول/ديسمبر، الماضي والذي نهبت فيه مجموعة كبيرة من المؤسسات العامة والخاصة بما في ذلك القصور الرئاسية، وبات بث إذاعة نينار محصوراً بـ “الأغاني”.

ترفض إدارة إذاعة دمشق ممثلة بـ “أوس مصطفى”، استضافة أي شخصية نسوية غير محجبة على بث الإذاعة وعلى رأسهم الفنانات، وكان قد رفض استقبال الممثلة “يارا صبري”، المعروفة بمعارضتها لنظام بشار الأسد، لكونها “غير محجبة”، وأن “استضافة الفنانين والترويج لهم تعد من المسائل غير الشرعية”، ويحاول أوس مصطفى حسب ما أكدت مصادرنا ألا يكون ضمن البرامج الرسمية لإذاعة دمشق أو أي إذاعة عاملة في سوريا فترات أغاني أو برامج فنية بدوافع شرعية وفقاً لتعريفاته، في حين يصر على استخدام كلمة “فلول النظام”، في وصف أي جريمة قتل، إذ يقوم بنسب ما تقوم به الفصائل المسلحة من جرائم على أساس طائفي إلى “فلول النظام”، في محاولة منه لحرف بوصلة الحقيقة، على الرغم من إعلان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الداخلية في أكثر من مناسبة عن وجود انتهاكات من بعض العناصر المنضويين ضمن وزارتي الداخلية والدفاع.

والأمر نفسه ينطبق على وسائل الإعلام الرسمية الأخرى مثل “الإخبارية السورية”، التي تدار من قبل “قصر الشعب”، وفقا لما تؤكده المصادر، وهو ما يستنسخ تجربة الإعلام السوري الذي كان يتحكم فيه كل من المستشارة الإعلامية “لونا الشبل”، قبل مقتلها في حادث سير، ومن ثم مدير المكتب الإعلامي “كامل صقر”.

وعلى الرغم من كون “صحيفة الوطن”، من المؤسسات الخاصة التي تم استملاكها بطريقة غير قانونية، إلا أنها تخضع بشكل كامل لإشراف مدير عام مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر، وهي المؤسسة الرسمية التي تصدر عنها الصحف التابعة للحكومة بعد تبديل اسمائها إلى “الحرية – الثورة”، ويمنع على العاملين السابقين في الصحيفة نشر أي مادة بدون موافقة مدير عام المؤسسة حصرا، وتقول مصادر من داخل المؤسسة أن عملية الضغط والمضايقة التي تمارس بحق الصحفيين العاملين في الوطن، أو بقية الصحف التابعة للمؤسسة مستمرة للدفع بهم للاستقالة على الرغم من عدم وجود كوادر كافية لتغطية العمل، إلا أن التوجه الحكومي يذهب نحو تعيين خريجين جدد، مع عدم قبول في الكثير من الأحيان أي صحفي كان يعمل سابقاً في الإعلام الرسمي أو الخاص على حدٍ سواء، بالتزامن مع الحديث عن وجود الكثير من التمييز على أسس مناطقية وطائفية.

 

إقرأ أيضاً: الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا: من الجهاد إلى التكيّف العسكري

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

إذاعة دمشقشام إف أمصحيفة الوطننينار إف أموزارة الإعلام
Comments (0)
Add Comment