تقرير استخباراتي ألماني سري: سوريا لا تزال “بالغة الخطورة” رغم التغييرات السياسية

على الرغم من إعلان الحكومة الألمانية الجديدة نيتها استئناف ترحيل اللاجئين إلى سوريا، كشف تقرير استخباراتي سري صادر عن وزارة الخارجية الألمانية واطلعت عليه مجلة “دير شبيغل” أن الوضع الأمني في سوريا لا يزال “كارثيًا” و”بالغ الخطورة”. هذا التقرير، الذي تم تداوله مؤخرًا داخل الأوساط الأمنية الألمانية، يتوقع أن يشكل عقبة كبيرة أمام خطط الحكومة بقيادة المستشار فريدريش ميرتس.

إعادة تقييم الوضع الأمني

عملت الخارجية الألمانية على جمع معلومات التقرير، المؤرخ في 30 أيار/مايو، منذ سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي. الهدف من التقرير هو إعادة تقييم شاملة للوضع الأمني وتقديم أساس لاتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق باللجوء والترحيل. يقع التقرير في 29 صفحة ويقدم تقييمًا شاملاً للوضع الأمني حتى نهاية آذار/مارس الماضي، بالاعتماد على مصادر متنوعة تشمل السفارة الألمانية في دمشق، منظمات دولية كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين و”اليونيسيف”، ونشطاء سوريين في مجال حقوق الإنسان، وشركاء غربيين.

واقع أمني متقلب وانتهاكات مستمرة

خلص التقرير إلى أن الوضع الأمني في سوريا ما يزال “متقلبًا بشكل كبير”. ورغم إعلان الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، إلا أنها لم تنجح في فرض سيطرة أمنية شاملة سوى في دمشق ومحيطها وأجزاء من إدلب وحماة.

يشير التقرير إلى أن الجماعات المسلحة لا تزال تحتفظ بدرجة عالية من الاستقلالية في مناطق مختلفة، بينما يواصل موالون للنظام السابق شن هجمات في مناطق الساحل وريف حمص الغربي. كما سجل التقرير ارتكاب مجازر بحق مئات المدنيين، خصوصًا من الطائفة العلوية، على يد جماعات مسلحة انتقامًا من اعتداءات سابقة.

تفاقم الوضع الأمني أيضًا بسبب الضربات الإسرائيلية المستمرة، والتهديد الدائم من الجماعات الإرهابية، والظروف الاقتصادية الكارثية. وقد سُجلت حالات متكررة من الخطف والجرائم في المدن الكبرى، وبلغ عدد القتلى في الفترة بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس نحو 4000 شخص، بالإضافة إلى مئات الوفيات بسبب الألغام، خاصة بين العائدين والنازحين والمزارعين.

مؤشرات إيجابية ولكن…

أقر التقرير الاستخباراتي بوجود مؤشرات إيجابية في أداء الحكومة الجديدة، أبرزها اعتماد خطاب تصالحي من الرئيس الشرع، وتنفيذ بعض الإصلاحات القضائية والإدارية. ومن هذه المؤشرات:

  • حل محاكم الإرهاب التي استخدمها النظام السابق كأداة قمع رئيسية.
  • العفو العام عن الفارين من الخدمة العسكرية وإلغاء سياسات التجنيد الإجباري.
  • تكريس مبدأ الفصل بين السلطات في الدستور المؤقت الجديد، والاعتراف بحرية التعبير والصحافة والمشاركة السياسية.

ومع ذلك، يؤكد التقرير أن هذه الإيجابيات لا تخفي وجود ممارسات مقلقة، مثل الاعتقالات التعسفية من قبل بعض الأجهزة الأمنية، واستمرار عقوبة الإعدام، وعدم استقلال القضاء في العديد من الحالات، واستمرار الانتهاكات بحق الأقليات الجنسية. كما أن المبادئ الدستورية كحظر التعذيب وكرامة الإنسان “ما تزال بحاجة إلى اختبار حقيقي على أرض الواقع”.

عودة اللاجئين: ظروف غير متوفرة

رغم عودة خدمات مثل إصدار جوازات السفر، اعتبرت منظمات الإغاثة الدولية أن “الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين غير متوفرة حاليًا”.

حتى الآن، لم تصدر الحكومة الألمانية موقفًا رسميًا بشأن نتائج هذا التقرير. واكتفى وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت بالتصريح عقب تسلمه منصبه بأن حكومته تعتزم “بشكل عاجل” البدء بترحيل المجرمين إلى سوريا.

تختتم “دير شبيغل” تقريرها بالإشارة إلى أن التقرير السري الجديد الذي اطلعت عليه، قد يعقّد تنفيذ خطط ترحيل السوريين من ألمانيا بشكل كبير.

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

Comments (0)
Add Comment