في خطوة تعكس توجهاً رسمياً نحو تعزيز الجاهزية لمرحلة إعادة الإعمار، بدأت الحكومة السورية مراجعة شاملة لرخص الاستثمار الممنوحة في قطاع الإسمنت قبل عام 2011، في محاولة لإعادة تنظيم القطاع وتحفيز الإنتاج المحلي، باعتباره أحد الأعمدة الأساسية في عمليات البناء وإعادة الترميم.
وعُقد اجتماع موسّع في دمشق ترأسه نائب وزير الاقتصاد والصناعة، باسل عبد الحنان، بحضور ممثلين عن المؤسسة العامة للجيولوجيا التابعة لوزارة الطاقة، والشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت “عمران”، إلى جانب خبراء قانونيين وماليين، بحسب ما أوردته صحيفة “الحرية” المحلية.
مراجعة شاملة لرخص ما قبل الحرب
ناقش المجتمعون واقع الرخص القديمة، من حيث العدد والتوزيع الجغرافي وهوية الشركات الحائزة عليها، إلى جانب مدى تنفيذ الالتزامات التعاقدية المتعلقة بالإنتاج والبناء والتشغيل. وتم تصنيف الرخص إلى أربع فئات رئيسية: فعّالة، ومتوقفة، ومتضررة، وغير مستثمرة، مع دراسة الأسباب وراء توقف أو تعثر بعضها، سواء كانت ناتجة عن ظروف أمنية أو عراقيل مالية ولوجستية.
خارطة طريق جديدة.. وتوجه نحو الاستثمار المباشر
انتهى الاجتماع بوضع خارطة طريق لتقييم مصير هذه الرخص، تتضمن تفعيل الرخص الممكن استثمارها، وتعديل أو إلغاء الرخص المتعثرة، إضافة إلى مراجعة الوضع القانوني للرخص المنتهية وغير المفعلة، وإمكانية سحب بعضها. وتم تحديد جدول زمني للنظر في كل حالة على حدة.
واستعرض المدير العام لشركة “عمران”، محمود فضيلة، مواقع جديدة مقترحة لإقامة مصانع إسمنت، تُعد واعدة من حيث توافر المواد الأولية وقربها من الأسواق، مشيراً إلى نية الحكومة طرح هذه المواقع للاستثمار عبر مزايدات علنية أو عروض مباشرة.
تسهيلات تشريعية وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص
اقترح الحضور سلسلة من الإجراءات لتفعيل الرخص المتوقفة، من بينها تقديم تسهيلات إدارية، وحوافز استثمارية، وإعادة جدولة المشاريع المتعثرة، إلى جانب فتح المجال أمام شراكات جديدة مع القطاع الخاص المحلي أو مستثمرين أجانب.
كما تم التأكيد على أهمية تحديث التشريعات الناظمة لقطاع الإسمنت، وتطوير البنى التحتية للطاقة والنقل والبيئة في مواقع الاستثمار المحتملة، بما يضمن بيئة أكثر جذباً للاستثمارات مستقبلاً.
خطوة أولى نحو بناء الاقتصاد بعد الحرب
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لإعادة تنشيط أحد أكثر القطاعات حيوية في مرحلة ما بعد الحرب، إذ يُعد الإسمنت عصباً أساسياً في مشاريع إعادة الإعمار. ويرى مراقبون أن إعادة تقييم هذه الرخص تُمهّد لإطلاق مشاريع تنموية كبرى في حال توفر مناخ استثماري مستقر، وإطار قانوني يحمي رأس المال ويوفر ضمانات حقيقية للمستثمرين.