الواقع الأمني في دمشق: تحديات بعد جريمة “المالكي” وتأثيراتها على الشارع السوري

أثارت جريمة قتل الدكتورة أمل البستاني وعاملة المنزل المقيمة لديها في حي المالكي، أحد أحياء دمشق التي تشتهر بخصوصيتها، ضجة واسعة في الشارع السوري، وفتحت النقاش حول الواقع الأمني في دمشق والتحديات التي تواجه المدينة في ظل الأزمات الحالية.

رغم التضارب في المعلومات حول دوافع الحادثة، أكدت مصادر محلية أن الجريمة ارتُكبت بدافع السرقة. وقد طوّقت القوات الأمنية مكان الحادث على الفور، ولكن حتى الآن لم تصدر أي نتائج رسمية بشأن التحقيقات الجارية. العديد من الأهالي والمهتمين بالشأن الأمني يطرحون تساؤلات عن مدى قدرة الأجهزة الأمنية على حماية السكان في مناطق يفترض أنها آمنة.

إقرأ أيضاً: اغتيال عالم دين في حمص يثير غضباً واسعاً

التحديات القانونية في دمشق: ضعف المحاسبة وتأثيراتها

المحامي والناشط في الشأن العام، أنس جودة، أشار في تصريحاته لموقع المدن إلى أن الواقع الأمني في دمشق يعكس أزمة أعمق من ارتفاع الجرائم. وفقًا لجودة، فإن البيئة القانونية في دمشق ضعيفة وانتقائية، بدءًا من مستوى الضابطة العدلية وصولاً إلى الإجراءات القضائية المتبعة بعد الحوادث الأمنية.

وأوضح أن العديد من الجرائم، خصوصًا تلك التي تتعلق بالسطو والاختفاء والتصفيات، تتسم بالمنظمة، ما يشير إلى وجود شبكة حماية غير رسمية قد تُساهم في غياب العدالة. هذه الحالة تجعل من الصعب على المواطن العادي تقديم شكاوى ضد المجرمين، بل إن الضغوط الأمنية والاجتماعية قد تدفع بعض المواطنين إلى تجنب تقديم البلاغات خوفًا على حياتهم.

كما بيّن جودة أن أجهزة الأمن في دمشق تعاني من خلل في التنظيم والرقابة، إذ لا توجد جهة محددة تتولى مسؤولية متابعة الحوادث الأمنية بشكل فعال. هذا يشكل تحديًا كبيرًا في محاسبة الجناة.

وأضاف: “حتى المناطق التي توصف بأنها آمنة أو راقية، لم تعد بمنأى عن الحوادث الأمنية”، في ظل ما يصفه بانفلات الردع وانتشار السلاح وشبكات المصالح غير الشرعية.

واعتقد جودة أن “استمرار هذا الوضع من شأنه أن يضاعف مشاعر الخوف وفقدان الثقة، وقد يدفع المزيد من السوريين إلى الهجرة بحثاً عن بيئة أكثر أماناً”.

وشدد على أن “الحلول لا تأتي فقط من تشديد القبضة الأمنية، بل من خلال إعادة بناء مؤسسات العدالة، إطلاق حوار سياسي مع الفاعلين المحليين والعمل على بناء شبكات حماية محلية مشتركة، تمكين المجتمع المدني المحلي ليكون شريكاً في مراقبة الأداء الأمني، ووضع القوى الأمنية تحت إشراف مدني فعلي يضمن مساءلة حقيقية، بما يعيد الثقة بين المواطن والدولة”، وهي مقترحات قد تساهم، برأيه، في معالجة الوضع تدريجياً.

إقرأ أيضاً: حادثة خطف جديدة في دمشق: شقيقان يُختطفان قرب مفرزة أمنية وسط صمت رسمي

إحصائيات 2025: تصاعد الحوادث الأمنية في دمشق

تشير بيانات حديثة إلى أن دمشق شهدت زيادة ملحوظة في الحوادث الأمنية في عام 2025. وفقًا لتقرير وكالة الاتحاد الأوروبي لشؤون اللجوء (EUAA) الصادر في آذار/مارس، تم تسجيل 42 حادثة أمنية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. أغلب هذه الحوادث كانت اعتداءات على المدنيين في أحياء سكنية مأهولة.

من ناحية أخرى، أفاد موقع Numbeo المختص بمؤشرات الجريمة في العالم، في تقريره لشهر تموز 2025، أن دمشق سجلت مؤشر جريمة مرتفعًا بلغ 69.4/100، مما يعكس تزايد القلق بشأن الأمان في المدينة. رغم أن الحوادث لا تزال محدودة من حيث العدد، إلا أن تكرارها في المناطق السكنية يزيد من القلق حيال مستوى الأمان في دمشق.

إقرأ أيضاً: تصاعد المخاوف الحقوقية في سوريا: تقارير توثق حوادث اعتقال وإخفاء قسري وقتل

ردود الفعل الشعبية: انقسام بين التبرير والغضب

أثارت جريمة حي المالكي موجة من التفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يقلل من أهمية الحادثة وبين من يرى فيها دلالة على فشل الإجراءات الأمنية في العاصمة. بعض المعلقين اعتبروا أن الجريمة هي مجرد حادثة “عادية” تحدث في كل دول العالم، وهو ما يعكس نوعًا من التكيف مع الظروف الأمنية المتردية. وفي المقابل، عبّر آخرون عن استياء متزايد من تكرار الجرائم وشككوا في قدرة السلطات على توفير الأمان في دمشق.

الأسئلة المفتوحة حول الأمان في دمشق: هل ستتغير الأمور؟

في ضوء جريمة حي المالكي وغيرها من الحوادث الأمنية، يظل الأمان في دمشق موضوعًا مفتوحًا للنقاش. هل ستتمكن السلطات من توفير الحماية الكافية للسكان؟ وهل الإجراءات الأمنية المتبعة فعّالة في ردع الجرائم؟ حتى ظهور نتائج التحقيقات الرسمية في جريمة المالكي، تظل هذه الأسئلة مطروحة بين من يعتبر الوضع طبيعيًا بعد سنوات من الحرب، ومن يرى أن استمرار الانفلات الأمني أصبح غير قابل للتحمل.

 

إقرأ أيضاً: بلدة تسيل : مظاهرة تطالب بخروج عناصر من الأمن العام وسط اتهامات بالانتماء لداعش سابقًا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

أمل البستانيالجريمةالحوادث الأمنيةالفلتان الأمنيحي المالكيدمشق
Comments (0)
Add Comment