وسط شوارع نظيفة وساحات مرتبة، يقف وراء المشهد اليومي في المدن السورية جهد صامت وشاقّ لعمّال النظافة، الذين يواصلون عملهم بإخلاص رغم ظروفهم المعيشية القاسية. هؤلاء العمّال الذين يُعدّون أحد أعمدة الحياة الحضرية، يعملون يوميًا في ظل أوضاع اقتصادية وصحية ونفسية تثقل كاهلهم، دون أن يحظوا بالاهتمام الكافي.
رواتب لا تكفي… وحياة تحت الضغط
خلال سنوات الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية، بقيت أجور عمّال النظافة في سوريا متدنية، وغير قادرة على مواكبة الارتفاع الحاد في الأسعار وتدهور قيمة العملة. ويجد كثير منهم أنفسهم عالقين في معادلة صعبة بين دخل محدود ومتطلبات حياتية متزايدة، ما يجعل تأمين أبسط احتياجات الأسرة تحديًا يوميًا.
مشقة العمل ومخاطره الصحية
إلى جانب الضغوط المعيشية، يواجه هؤلاء العمّال ظروف عمل مرهقة وخطيرة. فالتنقل المستمر بين الأحياء، ورفع النفايات الثقيلة، والتعرض لأدوات حادة أو مواد سامة، يؤدي إلى إصابات وآلام مزمنة، خصوصًا في الظهر والمفاصل. ويُضاف إلى ذلك التعرض المستمر للروائح الكريهة، لا سيما في فصل الصيف، ما يجعل من عملهم تحديًا جسديًا ونفسيًا مستمرًا.
احترام مجتمعي غائب أحيانًا
رغم أن جزءاً كبيراً من المجتمع السوري يقدّر جهود عمّال النظافة، إلا أن البعض ما زال ينظر إليهم بنظرة دونية أو يواجههم بالتنمّر. يروي أحدهم كيف اضطر لنقل ابنه من المدرسة بعد تعرّضه للإساءة، في حين قال آخر إن سخرية عابرة من مراهقتين أثناء عمله بقيت عالقة في ذاكرته. هذه المواقف تؤكد الحاجة الملحّة لتعزيز ثقافة الاحترام تجاه هذه المهنة الحيوية.
كرامة العمل وأمل بالمستقبل
ورغم كل ذلك، يعبّر العديد من عمّال النظافة عن فخرهم بمهنتهم، واعتزازهم بدورهم في حماية الصحة العامة والمساهمة في حياة نظيفة وآمنة. يقول أحدهم: “قد لا يلاحظ الناس وجودي، لكنهم يستفيدون من عملي كل يوم”.
مع دخول البلاد مرحلة انتقالية جديدة بعد تغيير السلطة، يعلّق هؤلاء العمّال آمالاً على تحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية، من خلال رفع الرواتب، وتوفير أدوات حماية مناسبة، وحملات توعية تُرسّخ احترام المهنة، خاصة لدى الأجيال القادمة.
إقرأ أيضاً: الرقة: تلوث المياه يرفع معدلات الالتهابات المعوية ويسجل وفيات
إقرأ أيضاً: الليشمانيا تفتك بريف إدلب: تكدّس القمامة وغياب الخدمات أبرز أسباب التفشي