زيارة مفاجئة تؤدي إلى إغلاق مركز “الكسوة” لتأهيل المتسوّلين في ريف دمشق

أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا عن إغلاق مركز “الكسوة لتأهيل وتشغيل المتسوّلين” بريف دمشق، وذلك عقب زيارة مفاجئة قامت بها وزيرة الشؤون الاجتماعية، هند قبوات، كشفت عن “سوء إدارة وتقصير في الرعاية”، بحسب ما ورد في بيان غير رسمي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي.

وخلال الزيارة، التي وثقها مقطع مصوَّر نُشر على المنصات الرسمية للوزارة، ظهرت الوزيرة وهي تعبّر بوضوح عن انزعاجها من أوضاع غير لائقة داخل المركز، أبرزها عدم توفر فرشة لأحد النزلاء، حيث تساءلت مستنكرة: “كيف يمكن لشخص أن يجلس بهذه الطريقة؟”، واعتبرت أن الظروف غير إنسانية ولا تليق بمكان يُفترض أن يقدم رعاية للفئات الهشّة.

تقصير إداري ومصير غير واضح للنزلاء

تفاعل الرأي العام مع مشاهد الزيارة أثار تساؤلات حول أداء الجهات المشرفة على مراكز الإيواء، في ظل تقارير سابقة تحدثت عن سوء الخدمات ونقص الموارد وغياب الرقابة. ورغم القرار المفاجئ بإغلاق المركز، لم تصدر الوزارة حتى الآن بيانًا رسميًا يوضح مصير النزلاء أو خطة الوزارة البديلة لإعادة إيوائهم وتأهيلهم، ما يفتح الباب أمام انتقادات تطال غياب السياسات الوقائية والبدائل المؤسسية.

زيارة الأردن تضع المقارنة على الطاولة

جاءت هذه التطورات بعد أيام قليلة من عودة الوزيرة قبوات من زيارة رسمية إلى الأردن، التقت خلالها بنظيرتها الأردنية وفاء بني مصطفى، واطّلعت على تجارب الحكومة الأردنية في مجالات الحماية الاجتماعية ومكافحة التسوّل وتنظيم عمل الجمعيات. وعبّرت قبوات حينها عن رغبة بلادها في الاستفادة من التجربة الأردنية في إدارة ملف المعونة والتعامل مع الفئات الهشة.

وقد اعتُبرت زيارة الأردن بمثابة حافز دفع الوزارة السورية لإعادة النظر في واقع المراكز الاجتماعية داخل البلاد، لا سيما مع تصاعد الأصوات المنتقدة لأداء المؤسسات العاملة في هذا القطاع، وتزايد شكاوى المواطنين والناشطين بشأن انتشار ظاهرة التسوّل في الشوارع، وغياب تدخلات فعالة.

ظاهرة التسوّل تتفاقم والجهود الرسمية محدودة

رغم الجهود الرسمية المعلنة، فإن ظاهرة التسوّل لا تزال تتفاقم في عموم المناطق السورية، خاصة في المدن الكبرى ومحيطها. وتفيد تقارير ميدانية بأن أعداد المتسوّلين—بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء—قد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بتدهور الوضع الاقتصادي، وغياب فرص العمل، وانهيار منظومات الحماية الاجتماعية.

ويرى مختصون أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب استراتيجية وطنية شاملة تتضمن العمل على جذور المشكلة مثل الفقر، وغياب التعليم، والانهيار الأسري، وليس الاكتفاء بالحلول المؤقتة مثل الإيواء أو العقوبات.

 هل تكفي الصدمة؟

قرار إغلاق مركز الكسوة، رغم رمزيته، لا يكفي وحده لمعالجة أزمة متجذّرة اجتماعياً واقتصادياً. ويظل السؤال المطروح: هل تشكّل هذه الزيارة بداية إصلاح حقيقي، أم أنها مجرد رد فعل غاضب سينتهي دون مخرجات مؤسسية مستدامة؟

فالمشكلة، كما تشير الوقائع، لا تكمن في فرشة مفقودة، بل في منظومة رعاية اجتماعية بحاجة إلى مراجعة جذرية وشجاعة.

الكسوة لتأهيل وتشغيل المتسوّليندمشقزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا
Comments (0)
Add Comment