في مشهد يُعيد للأذهان الكوارث البيئية الكبرى، اجتاحت النيران غابات ومزارع الساحل السوري، لا سيما في ريف اللاذقية، مُتلفة آلاف الهكتارات من المساحات الخضراء، ومخلفة وراءها خسائر بشرية ومادية واسعة، وسط تساؤلات مشروعة حول قدرة الحكومة السورية الجديدة على إدارة الأزمة وتعويض المتضررين.
وعد بالتعويض واستعادة الثقة
تزامنًا مع استمرار عمليات الإطفاء واحتواء آثار الكارثة، أعلنت الحكومة السورية عن خطة طارئة بالتعاون مع منظمات أممية ومحلية، تهدف إلى تعويض المتضررين وتقديم مساعدات نقدية وعينية، في خطوة وُصفت بأنها امتحان حقيقي لمصداقية الحكومة في ما تعلنه من التزام بالشفافية والعدالة.
وزير الزراعة، أمجد بدر، قال إن الحكومة الحالية تتعامل مع الكارثة بمنطق مختلف عن الماضي، مؤكدًا أن آليات التحقق من الأضرار وتعويض أصحاب الحقوق تخضع لرقابة مجتمعية، في محاولة لطيّ صفحة الفساد التي لطالما رافقت برامج الدعم خلال العقود الماضية.
شراكات دولية ومساعدات عاجلة
ضمن هذه الجهود، وقعت وزارة الزراعة اتفاقًا مع برنامج الأغذية العالمي لتوفير مساعدات مباشرة للمتضررين من الحرائق، بالإضافة إلى دعم متواصل للمزارعين الذين فقدوا محاصيلهم. وشدد بدر على أن هذا الدعم يمثل جزءًا من خطة أوسع لإعادة إحياء القطاع الزراعي في المناطق المتضررة.
من جهتها، أعلنت ماريان وارد، المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي، أن المساعدات ستمتد حتى نهاية العام، وتهدف إلى سد الفجوة بين الموسم الزراعي الحالي والمقبل، مع التركيز على دعم صمود المزارعين.
تحرك حكومي وتقييم ميداني
أُعلن أيضًا عن تشكيل غرفة طوارئ في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمتابعة أوضاع المتضررين، تحت إشراف الوزيرة هند قبوات، التي أكدت على ضرورة تنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية، وتسريع العمل الميداني في المناطق المنكوبة.
كما يجري التحضير لتنفيذ جولة ميدانية في ريف اللاذقية، لتقييم حجم الأضرار ووضع خطة استجابة أكثر دقة تشمل البنية التحتية الزراعية والغابات.
خسائر فادحة وتحديات بيئية
بحسب تقارير أممية، فقد تجاوزت المساحات المحترقة 25 ألف فدان، وأثرت الحرائق بشكل مباشر على نحو 5,000 شخص، مع تسجيل أكثر من 1,100 نازح. كما حذّرت منظمة الزراعة والتنمية الريفية (SARD) من تداعيات بيئية خطيرة، قد تمتد آثارها لسنوات، مشيرة إلى أن ما يزيد عن 3% من الغابات السورية دُمّر بفعل النيران.
التقرير أشار أيضًا إلى أن محدودية المياه والوقود ساهمت في تعقيد عمليات الإطفاء، وعرقلت جهود السيطرة على الحرائق في بدايتها، في وقت يعاني فيه البلد أصلًا من موجات جفاف غير مسبوقة.
ما بعد الحريق: المساءلة أو التكرار؟
مع انتهاء النيران وبدء العدّ العكسي لمرحلة إعادة الإعمار البيئي والزراعي، تبدو الحكومة السورية أمام اختبار مزدوج: تقديم تعويضات عادلة وسريعة للمتضررين، ووضع أسس حقيقية للوقاية من تكرار مثل هذه الكوارث، عبر أنظمة إنذار مبكر، وإدارة مستدامة للغابات، وتخطيط استباقي.
إقرأ أيضاً: حرائق غابات اللاذقية مستمرة: الألغام والرياح تعرقل جهود الإطفاء
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب