العدالة المؤجلة: صمت يلف تحقيق مجازر الساحل مع انتهاء المهلة

مع انتهاء المهلة المحددة في 10 تموز/يوليو لنشر نتائج تحقيق اللجنة الرسمية في أحداث العنف الطائفي التي شهدها الساحل السوري في آذار/مارس الماضي، لم يصدر أي إعلان من جانب السلطات السورية الجديدة، هذا التقاعس عن الكشف عن النتائج يثير تساؤلات حول مدى التزام السلطة الانتقالية، بوعودها الأولية.

وكانت الرئاسة السورية الانتقالية قد أعلنت في 9 آذار/مارس عن تشكيل لجنة تحقيق وتعهدت بتقديم النتائج في غضون شهر، لكنها عادت وأجلت الإعلان لثلاثة أشهر إضافية، انتهت مدتها أمس، هذا التأخير المستمر يثير قلق المنظمات الحقوقية، التي جددت دعوتها للسلطات لنشر النتائج الكاملة والشفافة لضمان محاسبة المسؤولين عن مقتل مئات المدنيين العلويين.

دعوات للمحاسبة والشفافية

وأكدت كريستين بيكيرلي، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة العفو الدولية، على ضرورة التزام الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بنشر النتائج الكاملة للتحقيق، وضمان تقديم المسؤولين عن “القتل الجماعي” إلى العدالة.

وشددت بيكيرلي على حق الناجين وعائلات الضحايا في معرفة ما حدث، ومن كان المسؤول، والخطوات الملموسة التي ستتخذها السلطات لتحقيق العدالة.

وأضافت أن التحقيقات المستقلة والنزيهة وحدها يمكن أن تؤدي إلى محاكمات عادلة وذات مصداقية، داعية الرئيس إلى ضمان توفير تعويضات فعالة للناجين والعائلات المتضررة.

خلفية الأحداث وتورط فصائل متعددة

شهدت منطقة الساحل السوري أعمال عنف طائفية بدأت في السادس من آذار/مارس واستمرت لثلاثة أيام، واتهمت السلطات مسلحين موالين للنظام السابق بإشعالها، إلا أن تحقيقاً لرويترز نُشر في حزيران/يونيو 2025 كشف عن تفاصيل أوسع لتلك الأحداث، مشيراً إلى مقتل ما يقارب 1500 مدني علوي على يد قوات حكومية وقوات موالية للرئيس الانتقالي أحمد الشرع.

وصف التقرير هذه الأحداث بأنها “رد انتقامي” على تمرد محدود قام به موالون سابقون لنظام الأسد، مما أدى إلى مقتل نحو 200 عنصر أمني.

أظهرت شهادات ناجين ومقاطع فيديو تم التحقق منها أن عمليات القتل كانت ذات طابع طائفي، حيث كان المهاجمون يستفسرون عن الانتماء الطائفي للضحايا قبل تصفيتهم.

كما أشار تقرير رويترز إلى تورط فصائل مسلحة متنوعة في هذه العمليات، بما في ذلك وحدات سابقة من “هيئة تحرير الشام”، وفصائل مدعومة من تركيا مثل “فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة”، بالإضافة إلى فصائل ذات توجه متطرف مثل “جيش الإسلام” و”جيش الأحرار” و”جيش العزة”، ومقاتلين أجانب من الإيغور والشيشان والأوزبك، كما شارك في عمليات القتل مدنيون متشددون مدفوعون بدافع الانتقام.

الأخطر في تحقيق رويترز كان الكشف عن أن العديد من الوحدات المتورطة في هذه الأحداث أصبحت لاحقاً جزءاً من الأجهزة الرسمية للدولة الانتقالية.

مخاوف الأقليات وتحديات الأمن

تأتي هذه التطورات في سياق يتسم بتصاعد العنف وتزايد مخاوف الأقليات في سوريا. فبعد أحداث الساحل، اندلعت اشتباكات مع مقاتلين دروز في نيسان/أبريل في محيط دمشق، أسفرت عن مقتل عشرات من الدروز.

وفي حزيران/يونيو، أسفر هجوم انتحاري على كنيسة في دمشق عن مقتل 25 شخصاً، مما فاقم مخاوف الأقليات في وقت يشكل بسط الأمن في عموم البلاد أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الجديدة.

وإلى جانب أعمال العنف على خلفية طائفية، يتهم سكان محليون قوات الأمن وفصائل مقربة من السلطات بارتكاب انتهاكات أخرى، بينها عمليات خطف يطال بعضها نساء علويات في الساحل، وإعدامات ميدانية متفرقة في مناطق مختلفة.

 

اقرأ أيضاً: صحيفة لوفيغارو الفرنسية: اختطاف وتزويج قسري لفتيات علويات في سوريا وسط تواطؤ وصمت رسمي

اقرأ أيضاً: حصريا لـ DW: خطف وابتزاز ـ قصص مأساوية لنساء علويات في سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

الأقلياتالطائفة العلويةمجازر الساحل السوري
Comments (0)
Add Comment