تنذر حالة التأهب التي تشهدها جبهات الشمال والشرق في سورية، بمواجهة قد تحصل في الأمد القريب بحسب المؤشرات، وتتوالى عمليات التحشيد العسكري على كلا الجبهتين، الاحتلال التركي لا ينفك يرسل القوافل لتعزيز نقاط تمركز قواته المحتلة في مناطق خفض التصعيد، وتزامناً يحشد الأمريكيون شرق الفرات ولا تتوقف قوافل الدعم والمعدات العسكرية تصل إلى قواعد الاحتلال في الجزيرة السورية.
واستقدمت قوات الاحتلال التركي مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى مناطق انتشارها في جسر الشغور بريف إدلب، قادمة عبر معبر كفرلوسين الحدودي، وأشارت مصادر محلية إلى أن التعزيزات تضم مواد عسكرية ولوجستية وأكثر من 15 شاحنة تحمل على متنها آليات ومدرعات عسكرية.
وفي وقت سابق، أرسل الاحتلال التركي رتلاً ضم أكثر من 10 آليات عسكرية ولوجستية ومدرعات إلى نقاطه في جبل الزاوية جنوب إدلب.
وفي الضفة الأخرى، شهدت منطقة انتشار الاحتلال الأمريكي بريف حمص الشرقي في منطقة التنف عند مثلث الحدود السورية مع الأردن والعراق، استنفاراً عسكرياً لمسلحي الاحتلال مما يسمى “جيش سورية الحرة” الذين اتخذوا مواقع دفاعية، تحسباً لأي هجوم محتمل.
ويؤكد الباحث السياسي وعضو مجلس الشعب السابق “مهند الحاج علي” في تصريح خاص لـ “داما بوست” أنه لا يمكن فصل التحركات التركية عن مسار التحركات الأمريكية، مضيفاً أن “الولايات المتحدة تحاول زعزعة أمن المنطقة واستعراض قوتها من خلال إرسال بعض القوات الى منطقة الخليج وخاصة الأسطول الخامس الأمريكي”.
ويستبعد الباحث فكرة اندلاع الحرب، ويؤكد أن الاحتلال الأمريكي يكتفي بتحشيدات بقصد الترهيب، رغم محاولته بإعادة تعقيد المشهد في سورية، من خلال إعادة إنتاج وتوريد الجماعات الإرهابية وخاصة في منطقة التنف.
ويضيف “الحاج علي”.. أن أمريكا تعتمد على فلول تنظيم داعش وبعض العشائر العربية الموالية لها بالإضافة لـ “قسد” تحت مكون جديد، وهو ما يسمى “جيش سورية الحرة” والهدف من ذلك تعقيد المشهد أمام سورية وحلفائها وإطباق الحصار الاقتصادي عليها، بحكم أن هذه الجماعات الإرهابية تتواجد ضمن المناطق الحيوية في سورية.
وشدد الباحث على فكرة عدم القدرة على الفصل بين المسارين التركي والأمريكي، بالحالة التي سُميت بالانقلاب في الموقف التركي تجاه روسيا عقب فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية نهاية شهر مايو/ أيار، وأضاف.. “بعد فوز إردوغان بالانتخابات قام برفع الفيتو عن انضمام السويد وفنلندا للناتو مقابل دراسة دخول تركيا للاتحاد الأوروبي ورفع بعض العقوبات الاقتصادية عن تركيا، والتي وضعتها الولايات المتحدة عليها نتيجة صفقة “إس 400” مع روسيا لذلك هذا الأمر كان متوقعاً.
وأشار في حديثه إلى أن القيادة السورية كانت حريصة في موقفها مع تركيا بالتماس تصرفات واقعية قبل الذهاب لطاولة المفاوضات معها، وأنه رغم المحادثات التي أجريت مع الجانب التركي على مستوى وزراء الخارجية في موسكو والأجهزة الامنية ووزارتي الدفاع لكن يبدو أنه لم يرشح أي شيء حتى الآن دون التماس حقيقة الموقف التركي إزاء سورية.
وحول كثرة التأويلات بالتبدلات التي جرت والتقدم تارة والتراجع تارة أخرى في الملف السوري التركي، أكد “الحاج علي” أن الانسحاب الكامل لتركيا من سورية هو شرط لا بد من تطبيقه كي يفضي إلى عودة العلاقات.
ويرى “الحاج علي” أن التبدل جاء من التوجه التركي الذي فضّل الجانب الغربي والانصياع لشروطه ولا نتوقع الآن أي تقدم بعد الحشود في المنطقة الشمالية والشرقية، والتحركات التركية تأتي تحت التأثير الأمريكي، مؤكداً أن إردوغان يحاول حماية “داعش” من خلال إرسال تعزيزات عسكرية لهم.
وختم الباحث حديثه لداما بوست بـ “أن التعزيزات والحشود سواء الأمريكية أو التركية، وإن كانت ستؤدي لحرب فإن الجيش السوري يعد قوامه جيداً، ويتأهب من خلال المناورات التي يجريها كل حين وآخر مع القوات الحليفة”.