أثار تسجيل مصوّر يُظهر تعرّض طفل للتعذيب الجسدي في مدينة حماة موجة استياء عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات شعبية بمحاسبة الجاني وتوفير الحماية العاجلة للطفل.
وبحسب مصادر محلية، فإن الضحية يُدعى إبراهيم خليل الصطيف، طفل يتيم تعرض للعنف الشديد على يد عمه، المدعو (م – ص) ويُظهر المقطع المتداول قيام الأخير بالاعتداء على الطفل باستخدام أدوات حادة، في مشهد قاسٍ، بينما يُسمع صوت الطفل يتوسل لإيقاف الاعتداء.
وتناقلت صفحات محلية صورا توثق آثار الضرب والإيذاء الجسدي الواضح على جسد الطفل، مشيرة إلى أن له شقيقة تبلغ من العمر 13 عاما، كانت قد تمكنت في وقت سابق من الفرار من منزل العم وتعيش حالياً في إحدى دور الرعاية.
تحرك رسمي واستجابة أولية
وألقت قوى الأمن الداخلي في حماة القبض على الجاني، وفي تصريح نشرته قناة محافظة حماة على تلغرام، أكد قائد الأمن الداخلي في المحافظة، العميد ملهم محمود الشنتوت، أنه بعد انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي، جرى التحرك على الفور لجمع المعلومات عن مكان وجوده.
وأشار إلى أنه بعد البحث والتحرّي تم إلقاء القبض على المدعو (م.ص)، من إحدى دورياتنا قبل تسليمه إلى فرع المباحث الجنائية في المحافظة، للتحقيق معه وتقديمه إلى القضاء أصولاً لينال جزاءه العادل.
وشدد العميد الشنتوت على حرص وزارة الداخلية الدائم على حماية حقوق الطفل من كل أشكال العنف والأذى، ومحاسبة كل من يتورط بمحاولة المساس بأمنهم وحقوقهم.
كما أهاب قائد الأمن الداخلي في حماة بأهالي المحافظة التعاون مع الجهات المختصة، والإبلاغ الفوري عن أي حادثة لضمان بيئة آمنة ومستقرة للمجتمع.
وذكرت قناة المحافظة أنه بتوجيه من المحافظ السيد عبد الرحمن السهيان، تم نقل الطفل إلى المركز الطبي في حماة، لتلقي العلاج اللازم بعد تعرضه لأذى جسدي.
وشدد السهيان على التزام السلطات المحلية بحماية الأطفال من كافة أشكال العنف، مؤكداً أن الجهات الأمنية تتابع مجريات التحقيق لضمان محاسبة الجاني وكل من يثبت تورطه في القضية.
العنف ضد الأطفال في سوريا: أرقام مقلقة
تعكس هذه الحادثة جانباً من واقع مقلق تعيشه الطفولة في سوريا، في ظل تصاعد معدلات العنف داخل الأسر والمؤسسات التعليمية، وانهيار منظومات الحماية الاجتماعية.
ووفقاً لتقارير صادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تم توثيق أكثر من 9,000 حالة عنف ضد الأطفال خلال عام 2024، شملت الضرب، الإهمال، والاستغلال الاقتصادي، خاصة في المناطق التي تشهد أوضاعاً أمنية ومعيشية متدهورة.
من جهتها، أعلنت منظمة يونيسف في بيان صدر في مارس 2024، أن 70% من الأطفال في سوريا تعرضوا لنوع من أنواع العنف، سواء في المنزل أو المدرسة أو البيئة المحيطة، مشيرة إلى أن الفقر، النزوح، وغياب الأطر القانونية الفعالة، عوامل أساسية في تفشي هذه الظاهرة.
كما أشار مدير الخدمات الاجتماعية في دمشق إلى تلقي الخط الساخن المعني بالإبلاغ عن العنف ضد الأطفال أكثر من 400 بلاغ خلال النصف الأول من عام 2023، أغلبها تتعلق بعنف أسري، لافتاً إلى ضعف الاستجابة بسبب نقص الكوادر وتعدد الجهات المعنية دون وجود آلية تنسيق فعالة.
دعوات للحماية والمحاسبة
تأتي حادثة الطفل إبراهيم لتُسلط الضوء مجدداً على الحاجة الملحّة لتفعيل منظومات حماية الطفولة، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، وتبني إطار قانوني رادع للعنف الأسري، لا سيما في مناطق النزاع.
كما جددت منظمات حقوقية دعوتها لإطلاق حملات توعية شاملة، وتوفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين، إلى جانب بناء بيئة مؤسسية تضمن الوقاية والاستجابة الفعالة لمثل هذه الحالات.