في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تشهدها سوريا، يبرز توحيد سعر الصرف كرهان أساسي للسياسة النقدية.
تهدف الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى تقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، في مسعى حثيث لتعزيز استقرار الليرة السورية واستعادة الثقة بالقطاع المالي.
غير أن هذا الهدف الطموح لا يمكن تحقيقه بمجرد قرارات إدارية، بل يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة تطال تطوير النظام المصرفي، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحسين مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال.
يقدم الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي تحليلاً معمقاً للوضع، مشيراً إلى أن:
- تجنب الديون الخارجية يعزز السيادة الاقتصادية للبلاد، ولكنه قد يبطئ وتيرة التعافي في ظل ضعف الموارد المتاحة.
- نجاح هذا التوجه مرهون بقدرة الدولة على تعبئة مواردها الذاتية بفعالية وكفاءة.
- تعتمد سياسة “التعويم المُدار” التي ترفض ربط الليرة بالدولار أو اليورو، على منح البنك المركزي مرونة أكبر للتدخل في السوق.
- هذه السياسة محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل غياب احتياطي نقدي كافٍ واستمرار المضاربات التي تؤثر سلباً على استقرار العملة.
وشدد الدكتور قوشجي في تصريح لصحيفة الوطن على أن إنشاء مؤسسة لضمان الودائع يعد خطوة ضرورية لتعزيز الثقة في القطاع المصرفي، إلا أنها تتطلب تشريعات واضحة ومحددة، إلى جانب توفير تمويل مستدام لضمان فعاليتها.
وفيما يتعلق بالتحسن الملحوظ في سعر الصرف بنسبة 30%، حذر الدكتور قوشجي من أن يكون هذا التحسن “وهمياً” إذا كان ناجماً عن انكماش نقدي بدلاً من نمو اقتصادي حقيقي ومستدام، وأضاف أن مثل هذا الوضع قد يؤدي إلى “انفجار سعري” لاحق، مما يلغي أي مكاسب محققة.
يختتم الدكتور قوشجي رؤيته بالتأكيد على أن الرؤية الإصلاحية المطروحة تبدو واعدة، لكن نجاحها وفاعليتها مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بقدرة المصرف المركزي على تنفيذ سياسات نقدية مرنة، وإن استعادة الثقة بالقطاع المالي، بالإضافة إلى توفير بيئة مؤسسية مستقرة تضمن استدامة هذه الإصلاحات على المدى الطويل.
اقرأ ايضاً: التحويلات المالية بعد العقوبات: شريان اقتصادي لسوريا أم فرصة مهدورة؟
إقرأ أيضاً: سوريا تعتمد سياسة التعويم المُدار.. محاولة جديدة لضبط سوق الصرف