أطلق الهلال الأزرق الدولي نداءً إنسانياً عاجلاً، محذراً من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، حيث بات نحو 75% من السكان بحاجة ماسة إلى المساعدات، بعد أكثر من 14 عاماً من الصراع، وسقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024.
ووفق تقرير نشرته منصة OCHA للأخبار والتقارير الإنسانية، وصف الهلال الأزرق الوضع الإنساني في سوريا بأنه من بين “الأكثر تعقيداً واستمراراً على مستوى العالم”، مشيراً إلى أن سنوات الحرب خلّفت دماراً واسعاً، وانهياراً اقتصادياً، ونزوحاً جماعياً، إضافة إلى معاناة بشرية عميقة.
ورغم بداية تعافي سوريا من أتون الحرب، ما تزال البلاد تواجه احتياجات إنسانية ضخمة. فقد عاد أكثر من 1.4 مليون سوري إلى مناطقهم خلال الأشهر الأخيرة، من بينهم 400 ألف لاجئ من دول الجوار وأكثر من مليون نازح داخلي، لكنهم رجعوا إلى مدن مدمّرة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ما يعوق جهود إعادة البناء ويزيد صعوبة التعافي.
ورغم تراجع نسبي في وتيرة العنف وبدء تنفيذ بعض مشاريع إعادة الإعمار، شدد التقرير على أن ثلاثة أرباع السوريين لا يزالون بحاجة للمساعدة، محذراً من تجاهل الأزمة الممتدة.
تهديدات أمنية ومخاطر الذخائر غير المنفجرة
أشار الهلال الأزرق إلى أن الأوضاع الأمنية ما تزال هشة في عدة مناطق، لا سيما الساحل والجنوب والشمال الشرقي، حيث تتواصل الهجمات التي تطال المدنيين وتعرقل إيصال المساعدات. كما حذر من تصاعد خطر الذخائر غير المنفجرة، التي تسببت بمقتل 414 شخصاً وإصابة نحو 600 آخرين منذ ديسمبر، ثلثهم من الأطفال.
انهيار صحي وجفاف يهدد الأمن الغذائي
أظهر التقرير أن النظام الصحي في سوريا يواجه انهياراً شبه كامل، حيث لا تعمل سوى 60% من المستشفيات، وأقل من نصف مراكز الرعاية تقدم خدماتها بالكامل. ومع دخول الصيف، تزداد مخاطر تفشي الكوليرا بسبب الجفاف، توقف أنظمة المياه، والتنقلات السكانية الكبيرة.
وفي ظل أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاماً، توقّع التقرير تدمير نحو 75% من محصول القمح، ما يكفي عادة لإطعام 16 مليون شخص.
ونتيجة لذلك، يُخشى من ارتفاع أسعار الغذاء، وانهيار سبل العيش الزراعي، وموجات نزوح جديدة من المناطق الريفية المنكوبة.
خطر الجوع وتوصيات عاجلة
أكّد الهلال الأزرق أن أكثر من نصف السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يهدد بمزيد من الفقر وسوء التغذية، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن. ودعا إلى توسيع نطاق المساعدات الغذائية، وتوفير مستلزمات الزراعة ومياه الري، مع تعزيز ممارسات مقاومة للجفاف، وتكثيف التنسيق بين الجهات الإنسانية والإنمائية والمناخية.
وشدّد في ختام التقرير على أن تجاهل الوضع الحالي قد يؤدي إلى كارثة أكبر يصعب تداركها، مؤكداً حاجة سوريا إلى دعم دولي عاجل، شامل ومنسّق، يعيد الأمل لملايين المنهكين من سنوات الحرب والانهيار المتتالي.
اقرأ أيضاً: برنامج الأغذية: 16 مليون سوري مهددون بالجوع وسط أسوأ موجة جفاف منذ 50 عاماً