داما بوست | الهام عبيد
حوّل “حزب العمال الكردستاني” المدن والقرى والأحياء السكنيّة في مناطق شرقي سوريا، إلى متاريس ودروع بشريّة ومدنيّة، بحجة صراعه مع الاحتلال التركي. جنّد القاصرين والقاصرات، وحفر الأنفاق العسكريّة تحت مدارس الأطفال ومنازل المدنيين، كما عمل لتنفيذ سياسات تنتهك الحقوق ولا تراعي الكرامات، ابتداءً من الخطف إلى الاعتقال والإخفاء القسري، والقتل تحت التعذيب أو قتل جرحاه، إضافة إلى تصفية المعارضين والمنشقّين داخل الحزب.
وتندرج ممارسات “العمال الكردستاني” و”قسد” وغيرها من التشكيلات المسلحة غير الشرعية، ضمن جرائم ضد الإنسانيّة، وآخرها إصدار ميليشيات ما تسمى “الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا – مكتب الدفاع” تعميماً بخصوص المطلوبين للتجنيد القسري في مناطق سيطرة “قسد” من مواليد 1998حتى 31/7/2005، أي أن أي شاب يبلغ من العمر ما بين 18 عاماً و25 عاماً سيكون عرضةً للتوقيف والقيد نحو معسكرات “قسد”.
ومن الممارسات الممنهجة التي تمارسها ما تسمى “الإدارة الذاتية” وذراعها العسكري “قسد” اغتيال شيوخ العشائر العربية سيما العكيدات والبكارة، أكبر عشائر شرق الفرات وسوريا عموماً، برصاص مسلحين يستقلون دراجات نارية، وهذا أدى إلى اندلاع تظاهرات قابلتها الميليشيا بحملة أمنية واسعة واعتقال عدد من أبناء العشائر الذين وصفتهم بـ “الإرهابيين”.
الكرد.. الخاسر الأكبر:
وفي هذا السياق يقول الناشط “ف – م” تحفظ عن ذكر اسمه الكامل لضرورات أمنية لـ “داما بوست”.. إن “ممارسات الفصائل المسلحة ألحقت أفدح الأضرار بالكرد على الأصعدة كافة، فأمنياً الأوضاع هشة وسط حالات الخطف والتشليح وجرائم قتل سُجّل أغلبها ضد مجهول، فضلاً عن هجمات التركي على مناطق سيطرة تلك الفصائل، مما يؤثر سلباً في أمن واستقرار المدنيين من عرب وكرد”.
وأضاف.. “عند أي نزاع مسلح يقع بين أطراف عربية أو كردية ولأي سبب كان، تنأى القيادات الكردية بنفسها عن التدخل، لإحداث أكبر شرخ وخسائر بين المتنازعين وهو إحداث مقصود”.
أما على الصعيد الاقتصادي، فأكد الناشط “أنانية” الفصائل المسلحة المسيطرة على مقدرات البلاد، من نفط وغاز وأراضٍ زراعية خصبة، فضلاً عن قانون الجباية المتبع عبر فرض ضرائب عشوائياً، إضافة إلى سرقة النفط والقمح لتهريبه خارج الحدود إلى إقليم كردستان العراق.
وحول مستقبل شمال سوريا الشرقي الديمغرافي أفاد الناشط بأن “ما يزيد على نصف الأكراد في شمال شرقي سوريا، غادروا ديارهم نحو إقليم كوردستان وتركيا وأوروبا بحثاً عن حياة أفضل بعيدة عن سياسيات “حزب العمال الكردستاني” محذراً من مخطط خطير يُحفر للأكراد أساسه التغيير الديمغرافي في المنطقة، وشدّد على ضرورة انسحاب “حزب العمال” منها.
وتابع.. باسم “القضية الكردية” تعمل الفصائل المسلحة لتجويعنا، وخطف أطفالنا، وزجنا في حروبها بالوكالة في صالح التركي والأمريكي، حتى بتنا أقلية في ديارنا”.
وختم حديثه بما فعلته تلك الميليشيات بالشباب قائلاً.. “عملت الميليشيات لتأمين الحبوب المخدرة للأهالي وتحديداً الشباب، على حين تسببت بتهجير الواعي منهم داخلياً نحو المحافظات السورية بقصد التعليم، بعد سيطرتها على المدارس ومنعها من تدريس المنهاج السوري بل اعتمدت مناهجاً لا تتوافق مع الطبيعة المحافظة للمنطقة ولا تحترم انتماءها العربي”.
مؤامرة على مكونات الشمال:
ومن وجهة نظره يرى الكاتب الكردي “دلكش مرعي” في حديث لـ “داما بوست”.. “من لم يهاجر ينتظر فرصته، بينما ينتظر قسم آخر عملية لم الشمل “غربي كوردستان”، ونأسف على مصير الأكراد سيما وأن “المؤامرة ضدهم تديرها أياد كردية، محملاً إياها المسؤولية، وتحديداً بعد هربها وتحالفها مع “الحمزات” و”العمشات” و”سلطان مراد” وغيرها من التحالفات الإرهابية التي أسسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.
وعند سؤاله عن دخول “الأكراد المسلحين” تحت عباءة الأمريكي والتركي أحياناً، أجاب دلكش أن “جزءاً كبيراً من الأكراد في سوريا غير راضين على السياسية التي يتبعها كرد “شمال شرق” ويعدون أنفسهم جزءاً من مكونات الشعب السوري نافياً مطالبتهم بالانفصال بل بحقوق المواطنة والثقافة لا أكثر، حسب تعبيره.
وتابع “أمريكا لا تهمها إلا مصالحها، فهي لم تأتِ لتحرر الشعب الكردي، ومشروع الشرق الأوسط الجديد، هو مشروع أمريكي بريطاني إسرائيلي، يهدف إلى خلق فوضى منظمة في المنطقة”. موجهاً الاتهامات لكل من لم يأخذ إجراءات ضد أردوغان، عندما أدخل إلى سورية آلاف الإرهابيين أمام أنظار أمريكا والدول الأوربية.
وفي منشور سابق له على صفحته الشخصية في “فيسبوك” كتب الكاتب الكردي… “أهم ما كان يميز عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، شعاراتهم الثورية التي كانت تقول سنغير الشرق الأوسط بل العالم، إلا أن أهم تغيير أنجزوه على الأرض هو التغيير الديمغرافي في شمال شرقي سوريا، فقد هرب في ظل إدارتهم ما يزيد على نصف الشعب الكردي مع معظم الطاقات الشابة”.
وتعد دمشق أن معالجة القضية في الشمال الشرقي جزءاً أساسياً من المشكلة السورية كاملة، وعليه وجهت دعوات عدة للجميع للعودة إلى الدولة ومقاومة كل من يعمل لتسييسهم، سيما من انجرفوا مع المشروع الأمريكي من مكونات الشمال السوري، والامتناع عن التعاون مع جهات خارجية لا هدف لها من الوجود على الأرض السورية، سوى تنفيذ مشاريع التقسيم وسرقة الخيرات.
وما يثير استغراب المراقبين، أن “قسد” وغيرها تعلم جيداً أنها أداة بيد واشنطن تستعملها في كل مرة ورقة ضغط لتنفيذ مخططات الغرب، وعلى الرغم من ذلك لا تتوانى عن طرق باب دمشق لإجراء مفاوضات كلما لاحت الرايات التركية منذرة بمعركة جديدة، وما إن يهدأ ضجيج الطبول التركية، تعود “قسد” إلى مواقعها المنكفئة عن مسار تطوير العلاقات مع دمشق.