القطاع الخاص في إدلب: غياب الحماية يدفع الشباب نحو الجيش

يشهد سوق العمل في محافظة إدلب أزمة متفاقمة نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية، وتراجع فرص العمل، وغياب أبسط مقومات الحماية الاجتماعية. هذه الظروف دفعت كثيراً من الشباب إلى ترك وظائفهم في القطاع الخاص في إدلب والاتجاه نحو المؤسسات العسكرية، ليس رغبة في العسكرة إنما بحثاً عن الاستقرار المادي والوظيفي.

 

الراتب الثابت يغري الشباب

أحمد حسن بكداش، شاب من قرية كبتا، قرر ترك عمله في مجال الإعلانات والآرمات المضيئة بعد محاولات متكررة للالتحاق بالجيش. يقول في حديثه لموقع “الحل نت”: “الراتب الثابت والوظيفة المضمونة حتى لو كانت إلزامية، أفضل من الشغل الحُر والتعب اليومي مقابل أجور بسيطة”.

ويؤكد بكداش أنه لم يكن يملك عقد عمل ولا تأميناً صحياً، ما جعله عرضة للمخاطر دون أي ضمانات. ويضيف: “لو صارلي شي بالشغل، يمكن صاحب العمل يوقف معي بالمشفى، بس تعويض ما في”.

 

القطاع الخاص في إدلب يعاني من نزيف الكوادر

مصطفى الفرحات، صاحب معمل بلاستيك في إدلب، يوضح أن عدداً من العمال غادروا منشأته للالتحاق بالجيش والأمن العام، ما تسبب في خفض الإنتاج إلى النصف، ورفع أجور من تبقى من العاملين نتيجة نقص المعروض، لكنه يرى أن هذا الوضع مؤقت ويأمل بتحسّن قريب في سوق العمل.

أما حسين العكلة، أحد العاملين في نفس المعمل، فيقول إن الإغراءات المالية للجيش واضحة، خاصة أن راتب الأعزب هناك يصل إلى 150 دولاراً، والمتزوج إلى 200، ومع ذلك، قررت البقاء في مهنتي لتعلّم “مصلحة أعيش منها”، رغم ساعات العمل الطويلة وغياب الإجازات.

 

غياب التأمينات ودور محدود للجهات الرسمية

وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب تُعد الجهة المسؤولة عن مراقبة ظروف العمل وتطبيق قوانين العمل والسلامة المهنية.

لكن الإعلامي محمد يازجي، من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في إدلب، أوضح لـ “الحل نت” أن المديرية لا تقدم حالياً أي خدمات مباشرة للعمال، بسبب غياب مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وأشار إلى أن العمل جارٍ لافتتاح مبنى للتأمينات في إدلب، ما قد يساهم مستقبلاً في تحسين واقع العمالة في المنطقة.

 

خبير اقتصادي: الأجور لا تواكب الواقع

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سهيل الحمدان أن ما يعانيه سوق العمل في إدلب يرتبط بقانون العرض والطلب.

وقال لـ “الحل نت”: الأجور الحالية لا تتناسب إطلاقاً مع تكلفة المعيشة. لكن من المتوقع أن تشهد الأجور ارتفاعاً تدريجياً قد يصل إلى ألف دولار شهرياً في حال تحسّن الاقتصاد، بما يوازي بعض دول الجوار”.

في ظل الظروف الراهنة، تبدو إعادة تنظيم سوق العمل في إدلب ضرورة لا تحتمل التأجيل، إلى جانب إحياء دور مؤسسات الحماية الاجتماعية، بما يكفل بيئة عمل آمنة تحفظ الكرامة وتؤمّن الاستقرار. فبين استنزاف القطاع الخاص وجاذبية الراتب العسكري، يبقى الشباب عالقين في خيارات تفرضها الحاجة لا القناعة.

إقرأ أيضاً: كلفة العمالة ترفع أسعار الحلويات في الأسواق السورية مع اقتراب عيد الأضحى

 

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام

التأمينات الاجتماعية إدلبالعمالة في الشمال السوريسوق العمل في إدلبوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل
Comments (0)
Add Comment