دمشق تواجه العطش: أزمة المياه تتفاقم والمسؤولون يحذّرون من الأسوأ

تتفاقم أزمة شح المياه في العاصمة السورية دمشق وريفها، وسط تحذيرات من أن الأسابيع المقبلة قد تحمل تراجعًا أكبر في كميات الضخ، مع دخول الصيف وارتفاع درجات الحرارة. وبحسب مصدر رسمي في «المؤسسة العامة لمياه الشرب» بدمشق وريفها، فإن الوضع «يتجه نحو الأسوأ»، ما ينذر بانقطاع المياه لأيام متواصلة عن بعض الأحياء.

شح مستمر وضخ مهدد بالتوقف

تشكو غالبية العائلات في دمشق منذ منتصف الأسبوع الماضي من انقطاع المياه بشكل شبه كامل، بعدما كانت تعاني منذ بداية مايو/أيار من تراجع تدريجي في ضغط الضخ. ويُعزى السبب الرئيسي، وفق المصدر، إلى انخفاض منسوب المياه في حوض الفيجة—المصدر الرئيسي لمياه الشرب في العاصمة—وتعطل عدد كبير من عنفات الضخ، وخروج العديد من الآبار والمصادر المائية من الخدمة خلال سنوات الحرب.

وبلغة تعكس حجم الأزمة، شبّه المصدر الوضع بـ”محاولة سقي مدينة كاملة بدلو ماء واحد”، مشيراً إلى أن الطلب تفاقم أيضاً نتيجة عودة مئات الآلاف إلى العاصمة بعد سقوط النظام، ما زاد العبء على شبكة تعاني من تهالك طويل الأمد.

تقنين صارم وتراجع يومي في الإمداد

وتبلغ حاجة دمشق وريفها اليومية نحو 562 ألف متر مكعب من المياه، بينما يتراوح الضخ الفعلي حالياً بين 300 و400 ألف متر مكعب فقط. وأوضح المصدر أن الكميات المتوفرة تتناقص يوماً بعد يوم، مع احتمال انخفاضها إلى 200 ألف متر مكعب في أغسطس، وهو ما قد يضطر المؤسسة لاعتماد جدول ضخ يتراوح بين مرة كل 4 إلى 5 أيام لكل حي.

اتهامات بعدم العدالة وتوتر اجتماعي

وفي ظل اختلاف مستوى وصول المياه بين أحياء دمشق، تتصاعد الشكاوى من “عدم العدالة في التوزيع”، خصوصاً في المناطق التي لا تصلها المياه إلا نادراً، مقابل أخرى تتمتع بتدفق نسبي أفضل. المؤسسة برّرت ذلك بأن بعض الآبار الارتوازية ما تزال تعمل بكفاءة في مناطق معينة، في حين تعطلت العنفات في مناطق أخرى.

أما على الأرض، فقد تسببت الأزمة في توتر اجتماعي داخل الأحياء، إذ اندلعت مشادات ومشاجرات بين سكان يمتلكون مضخات كهربائية قوية، وآخرين لا يمتلكون وسائل لسحب المياه الضعيفة من الشبكة. وتروي “أم محمد”، المقيمة في حي الزهور، أن جيرانها يقطعون عنها المياه عند تشغيل محركاتهم، مطالبة بإجراءات تحدّ من التفاوت في القدرة على الوصول إلى المياه.

وفي مشهد يعكس يأس الأهالي، أقدم أحد السكان على حفر الأرض أمام منزله لتركيب مضخة جديدة على الشبكة الرئيسية، بتكلفة تجاوزت مليوني ليرة سورية، دون أن ينجح في جلب المياه، ما اضطره لشراء مياه الخزانات من الباعة الجائلين بأسعار باهظة تصل إلى 100 ألف ليرة لسعة ألف لتر.

أسباب هيكلية وحلول مؤقتة

المؤسسة العامة لمياه الشرب كانت قد أعلنت في مايو/أيار أن انخفاض كميات الأمطار لهذا العام إلى 34% على حوض الفيجة، و28% على حوض محيط دمشق، هو السبب الرئيس للأزمة. وأكدت أنها وضعت خطة طوارئ لإعادة تأهيل أكبر عدد ممكن من الآبار، إلى جانب تقنين التوزيع وتفعيل حملات الترشيد وإزالة التعديات على الشبكة.

كما تم اعتماد جدول تقنين صارم منذ أبريل/نيسان، لضمان استمرار التزويد لأكثر من 1.2 مليون مشترك في دمشق وريفها. وتعتمد العاصمة في مصادرها المائية على نبع الفيجة وآبار نبع بردى، إضافة إلى منابع حاروش، ووادي مروان، وجديدة يابوس، وجميعها تتأثر بشكل مباشر بمعدلات الهطول المطري السنوية.

اقرأ أيضاً: أزمة مياه دمشق: الواقع يفرض حلولاً تتجاوز الترقيع

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

العاصمة السورية دمشقالمؤسسة العامة لمياه الشربالمياه
Comments (0)
Add Comment