سوق بيع الأرصدة المجمدة في البنوك السورية: تداعيات أزمة السيولة

قيود السحب المصرفي:

فرض مصرف سوريا المركزي قيودًا صارمة على عمليات السحب النقدي في البنوك السورية، حيث يقتصر سحب الأفراد على 600 ألف ليرة لكل عملية سحب، بينما رفعت بعض المصارف هذا الحد إلى مليون ليرة.

هذه القيود الصارمة على السحب، مقارنة بحجم الودائع الكبيرة، خلقت بيئة غير مسبوقة دفعت بعض المودعين إلى اللجوء إلى سوق بيع الأرصدة المجمدة للحصول على سيولة نقدية.

الأسباب الاقتصادية لحبس السيولة:

ووفقًا للباحث الاقتصادي ملهم جزماتي، فإن سياسة حبس السيولة ليست مجرد إجراء اقتصادي طارئ، بل هي نتيجة أزمة نقدية كبيرة يعاني منها النظام المصرفي السوري. حيث يرى جزماتي في حديثه لـ “تلفزيون سوريا” أن المركزي يسعى من خلال هذه السياسة إلى كبح التضخم والتحكم في سعر الصرف عبر تقليص الليرة المتداولة، وبالتالي الحفاظ على استقرار نسبي لسعر صرف الليرة. ولكن، هذه السياسات ليست مستدامة على المدى الطويل، خاصة في ظل نقص حاد في الكتلة النقدية، حيث جرى استخدام جزء كبير من ودائع السوريين لتمويل عجز الحكومة.

مشاكل ثقة المواطنين في البنوك:

من جهته، يوضح الباحث إياد الجعفري خلال حديثه لـ “تلفزيون سوريا” أن هذه القيود على السحب تمثل مشكلة مزدوجة. فرفع القيود قد يؤدي إلى موجة سحب جماعي للسيولة من البنوك، مما يعرض الليرة لانهيار كبير مقابل الدولار. كما أن هذه الإجراءات تقوّض الثقة في النظام المصرفي السوري، وهو ما يزيد من صعوبة عودة الثقة في البنوك بعد سنوات من القيود الصارمة على السحوبات.

تداعيات سلبية على الاقتصاد:

السياسات النقدية التقييدية انعكست سلبًا على الاقتصاد السوري بشكل عام، حيث أدت إلى ركود اقتصادي حاد. فقد عجز التجار وأصحاب المنشآت عن تمويل عملياتهم اليومية، مما أسهم في إغلاق العديد من المصانع وتوقف خطوط الإنتاج. كما دفع هذا الأمر المواطنين إلى الاحتفاظ بالسيولة خارج النظام المصرفي، ما أدى إلى تراجع حجم الودائع المصرفية وتقليص قدرة البنوك على أداء دورها في تمويل الأنشطة الاقتصادية.

سوق بيع الأرصدة المجمدة:

في ظل هذه القيود، ظهرت سوق بيع الأرصدة المجمدة كحل بديل. هذه السوق تشمل عمليات يقوم فيها المودعون الذين لا يستطيعون سحب أموالهم بالتحويل إلى سمسار أو تاجر للحصول على نقد مقابل عمولة تتراوح بين 10% و40% من قيمة المبلغ. ورغم أن هذه السوق قد توفر سيولة مؤقتة للتجار والمستثمرين، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة تشمل فقدان ثقة الجمهور في النظام المصرفي، و تعميق الاقتصاد الموازي، وهو ما يفاقم من الأوضاع الاقتصادية.

أزمة إدارة السيولة:

الاقتصادي يحيى السيد عمر يلفت النظر إلى أن السيولة المتاحة تشهد نقصًا حادًا بسبب القيود المفروضة على السحب، مشيرًا إلى أن الحلول الحالية بطيئة وغير كافية لمعالجة أزمة السيولة بشكل جذري. ووفقًا له، فإن حل الأزمة يحتاج إلى تخفيف تدريجي للقيود المصرفية وابتكار أدوات ادخارية ذات عوائد حقيقية لزيادة جذب السيولة إلى النظام المصرفي.

من هو صاحب فكرة حبس السيولة؟ 

وكانت شبكة “داما بوست” أكدت في تقرير لها أن “أبو مريم الاسترالي”، والذي يعتبر الذراع الاقتصادية لحكومة أحمد الشرع هو صاحب فكرة “حبس السيولة”، من خلال خفض سقف السحب اليومي من البنوك السورية بما يجبر المواطنين على صرف مدخراتهم من الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية في السوق السوداء التي تنتهي عند تجار مرتبطين بشكل مباشر بـ “الاسترالي”.

الخلاصة:

تستمر أزمة السيولة في سوريا في التأثير بشكل كبير على النشاط الاقتصادي و الثقة في البنوك. سياسة حبس السيولة التي يتبعها مصرف سوريا المركزي أصبحت تشكل عبئًا مزدوجًا، حيث إنها لا تقتصر على إدارة التضخم فقط، بل تساهم أيضًا في نمو الاقتصاد الموازي. ومن أجل استعادة الاستقرار النقدي، يوصي الخبراء بضرورة تبني استراتيجيات مرنة وإجراءات تدريجية من شأنها إعادة الثقة في النظام المصرفي السوري وتحفيز النشاط الاقتصادي داخل الأسواق.

إقرأ أيضاً: شام كاش.. بيت مال هيئة تحرير الشام تحت إشراف أبو مريم الأسترالي

إقرأ أيضاً: سياسة حبس السيولة.. انكماش نقدي يخنق الاقتصاد السوري

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.