احتجاج مرتقب في “حقوق دمشق” ضد العودة للنظام التقليدي

تسود حالة من التوتر بين طلاب كلية الحقوق في جامعة دمشق، بعد تنظيم وقفة احتجاجية داخل الحرم الجامعي، رفضاً لقرارات الكلية الأخيرة التي تنص على إلغاء نظام “الأتمتة” في معظم المواد والعودة إلى الامتحانات التحريرية التقليدية.

القرارات الجديدة، التي وُصفت من قبل عدد من الطلاب بـ”التعسفية والتعجيزية”، أثارت موجة استياء واسعة داخل أروقة الكلية، حيث يرى المحتجون أنها تعيد العملية الامتحانية إلى ما قبل سنوات من الإصلاحات التقنية، وتفتح الباب مجدداً أمام الغش والمحسوبيات، فضلاً عن أنها تزيد من الضغط الدراسي على الطلبة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

مطالب الحراك الطلابي

يقول محمد اللحام، طالب في كلية الحقوق وقائد الحراك الجامعي، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، إن مطالب الطلاب تتمثل في إلغاء تحويل النظام الامتحاني من المؤتمت إلى التقليدي، إضافة إلى إلغاء قرار تقليص المدة الزمنية للامتحان المؤتمت.

ويشرح اللحام أن المدة كانت سابقاً ساعة ونصف لخمسين سؤالاً، بينما أصبحت بعد القرار الجديد ساعة واحدة لستين سؤالاً، أي بمعدل دقيقة واحدة لكل سؤال، معتبراً ذلك إجحافاً بحق الطلاب.

ويضيف أن نظام الأتمتة هو “نظام حديث معمول به في الجامعات العالمية، ويقيس قدرات الطالب على التحليل والتركيز والمنطق”، بينما النظام التقليدي “يقيس فقط القدرة على الحفظ، ويمنح الأفضلية لمن يمتلك ذاكرة قوية لا لمن يمتلك فهماً قانونياً متيناً”.

مؤيدو النظام المؤتمت

ويرى د. عادل الحسن، الحاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة تشرين وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة رومانية، وهو حالياً طالب في كلية الحقوق، أن الأتمتة “تحدّ من فرص الغش والتلاعب بالنتائج”، مؤكداً أنها “تزيد من الشفافية وسرعة إصدار العلامات، وتقلل من الاعتراضات، في وقت تتداخل فيه فصول التعليم النظامي والمفتوح”.

ويضيف الحسن أن من يربط بين النظام المؤتمت وضعف المستوى العلمي “لا يستند إلى منطق دقيق”، موضحاً أن كثيراً من المواد المؤتمتة تتطلب تحليلاً ومنطقاً مضاعفاً، خلافاً لما يُشاع بأنها تعتمد على التخمين.

كما أشار أحد طلاب السنة الرابعة، فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن القرار الجديد أدى إلى تضاعف عدد المواد التقليدية بشكل كبير، موضحاً أن طلاب السنة الرابعة مثلاً كانت لديهم مادتان تقليديتان فقط وأصبحت الآن إحدى عشرة مادة، في حين ارتفع العدد في باقي السنوات الدراسية بشكل مماثل.

ويضيف الطالب أن كثيراً من زملائه “يعملون إلى جانب الدراسة بسبب الظروف المعيشية الصعبة، ونظام الأتمتة يمنحهم مرونة أكبر في التحضير، بعكس النظام التقليدي الذي يحتاج إلى وقت طويل للحفظ والاستذكار”.

موقف الكلية والنقابة

من جهته، قال عميد كلية الحقوق بجامعة دمشق، د. ياسر الحويش، في تصريح لإذاعة أرابيسك، إن القرارات جاءت بناء على ملاحظات نقابة المحامين التي عبّرت عن رفضها لخريجين “ضعفاء مهنياً” بسبب الاعتماد المفرط على الأتمتة، مضيفاً أن الكلية “تعمل على التوفيق بين رغبة الطلاب وضرورات رفع المستوى الأكاديمي”.

وأشار الحويش إلى أن مجلس الكلية يدرس حالياً “تخفيف عدد المواد التقليدية تدريجياً”، واعتماد نظام امتحاني “أكثر شمولية” يوازن بين التقييم العملي والتحريري.

وفي السياق ذاته، قال الأستاذ محمد الحلاق، أستاذ القانون العام ومؤلف كتاب التشريع الضريبي، لموقع تلفزيون سوريا، إنه “قام بتصحيح عشرات آلاف الأوراق الامتحانية”، مشيراً إلى أن تجربة الأتمتة في مادته لم تكن مشجعة، “بسبب ضعف الطلاب في صياغة الجمل والإملاء”، معتبراً أن العودة إلى النظام التقليدي “قرار صائب” ولا تعني بالضرورة عودة الفساد، لأن “من يريد الفساد يمكن أن يمارسه في أي نظام”.

حجج المؤيدين للعودة إلى التقليدي

ويرى المحامي علي المليجي، طالب دكتوراه في القانون العام، أن العودة إلى الامتحانات التحريرية ضرورية، لأن “دراسة القانون ليست نظرية، بل علم يعتمد على التحليل والاستدلال، وهي مهارات لا يمكن قياسها بأسئلة اختيارية مغلقة”.

ويضيف أن الاعتماد المفرط على الأتمتة “يُضعف استعداد الطالب للدراسات العليا التي تعتمد على الإجابات المقالية والتحليلية”، مشيراً إلى أن “الزيادة الملحوظة في أعداد الخريجين ترافقها تراجع في الكفاءة المعرفية”.

وتتفق معه المحامية عالية مروان أفليس، التي تقول إن النظام التقليدي “يكشف قدرة الطالب على فهم النصوص وصياغتها”، وإن كانت لا تنكر مزايا الأتمتة مثل “الشفافية وسرعة النتائج”. لكنها تعتبر أن الاعتماد الكلي على الأتمتة “يمنح الحظ دوراً في النجاح أكثر مما يعكس الكفاءة الحقيقية”، داعية إلى “إصلاح شامل يبدأ من آليات القبول الجامعي وحتى التخرج”.

وبينما يتمسك طلاب كلية الحقوق بجامعة دمشق بمطلبهم للعودة إلى نظام الأتمتة، تواصل إدارة الكلية الدفاع عن قرارها باعتباره خطوة ضرورية لاستعادة القيمة الأكاديمية للشهادة.

اقرأ أيضاً:وقفة احتجاجية لمعلمي حلب رفضًا لقرارات وزارة التربية وتجاهل مطالب الكوادر التعليمية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.