المونيتور: ضربة أميركية في إدلب تكشف تنسيقاً أمنياً بين واشنطن ودمشق ضد الفصائل السلفية

أعادت الضربة الأميركية التي استهدفت قيادياً في جماعة “أنصار الإسلام” شمال سوريا مطلع تشرين الأول/أكتوبر، فتح ملف التنسيق الأمني المتصاعد بين واشنطن ودمشق ضد تنظيم (داعش) والفصائل السلفية المتشددة.

وبحسب تقرير موقع المونيتور، شكّلت العملية رسالة واضحة إلى الجماعات الرافضة للاندماج في الجيش الوطني الجديد الذي تعمل الحكومة السورية على تشكيله، في ظل سعيها لتوحيد البنية العسكرية، بينما يتقلص الدور الأميركي الميداني ليقتصر على دعم استخباراتي محدود.

تفاصيل الضربة الأميركية

ذكّر الموقع بأن القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أعلنت مطلع الشهر الحالي تنفيذ ضربة جوية داخل الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل محمد عبد الوهاب الأحمد الملقب بـ”أبو الدرداء الكردي”، الرجل الثاني في تنظيم “أنصار الإسلام”.

وقُتل الأحمد بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة أثناء تنقله بسيارته قرب بلدة حارم بريف إدلب، ووصفت القيادة الأميركية المستهدف بأنه “مخطط هجمات كبير مرتبط بالقاعدة”. إلا أن أربعة مسؤولين سوريين تحدثوا للموقع أكدوا أن العملية كانت رسالة سياسية موجهة إلى الفصائل المتشددة الرافضة للانضمام إلى القوات النظامية الجديدة.

جذور التنظيم وتطوره

تعود جذور “أنصار الإسلام” إلى الحركة الإسلامية الكردستانية التي تأسست في العراق عام 1987. وفي منتصف التسعينيات، انشق عدد من أعضائها المتأثرين بالفكر الجهادي وأسسوا التنظيم الحالي.

قاتلت الجماعة ضد قوات التحالف بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لكنها تراجعت بعد هجوم “داعش” على الموصل عام 2014، وانتقلت لنشاطها السوري منذ عام 2012.

ونقل المونيتور عن مصدر عراقي قاتل سابقاً في صفوفها أنها أرسلت وفداً للقاء قادة القاعدة دون أن تتم مبايعة رسمية. بينما كشف مصدر تركي أن التنظيم تعاون بين عامي 2018 و2020 مع “حراس الدين” – الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة – ضمن غرفة عمليات “وحرض المؤمنين” التي كانت تنسق عمل الفصائل المتشددة في إدلب.

وأضاف المصدر أن “أنصار الإسلام” و”حراس الدين” عملا معاً ميدانياً، لكن دون وجود ارتباط تنظيمي مباشر، موضحاً أن توصيف واشنطن للقيادي المستهدف بأنه من القاعدة “صحيح من ناحية التعاون، لا من ناحية البنية”.

رسالة إلى الرافضين للاندماج

أكد أربعة مسؤولين سوريين أن استهداف التنظيم جاء بسبب رفضه تسليم السلاح أو الانضمام إلى الجيش السوري الجديد. وقال أحدهم، وهو ضابط متمركز في دمشق: “من خلال هذه الضربة، تدفع أميركا الجماعات الجهادية المعارضة نحو الارتباط بدمشق.”

وأوضح التقرير أن القيادة الجديدة في دمشق برئاسة أحمد الشرع تمكنت من استيعاب معظم الفصائل المتشددة، بينما بقيت “أنصار الإسلام” أكبر الفصائل الرافضة للانضمام إلى هيئة تحرير الشام أو إلى الجيش الجديد.

وأشار الموقع إلى أن عدد مقاتلي التنظيم لا يتجاوز اليوم 250 عنصراً فقط، انخفاضاً من تقديرات الأمم المتحدة التي قدّرت عددهم بنحو 700 مقاتل.

وبيّن مصدر عسكري أن الجماعة كانت حتى كانون الأول/ديسمبر 2023 تمتلك موقعاً عسكرياً واحداً في جنوب إدلب، وأنها كانت تتلقى الدعم من “هيئة تحرير الشام” بالمال والسلاح والطعام.

وأضاف عضو سابق في “حراس الدين” أن شخصيات معارضة متعددة انضمت مؤخراً إلى التنظيم، وهو ما تعتبره واشنطن مقلقاً.

في المقابل، أشار مقاتل أجنبي إلى أن “أنصار الإسلام” ترفض الانضمام لأي تشكيلات أخرى لأنها تسعى إلى إقامة نظام يستند إلى الشريعة الإسلامية.

أما الرئيس أحمد الشرع، القائد السابق لهيئة تحرير الشام الذي تولى السلطة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، فأكد التزامه بـ”حكم شامل لكل السوريين”، رغم استمرار العنف الطائفي في البلاد وفقاً للموقع نفسه.

تصعيد ضد الفصائل المتشددة

شهد يوم الأربعاء اشتباكات بين الجيش السوري وفصيل “فرقة الغرباء”، وهو تنظيم صغير لا يتجاوز عدد مقاتليه خمسين عنصراً، يتبنى فكراً أكثر تشدداً من “أنصار الإسلام”. ويُنظر إلى هذه المواجهات كجزء من تصعيد دمشق ضد الفصائل السلفية الرافضة للتسوية.

تراجع الدور الأميركي وتزايد التنسيق

بحسب المونيتور، جاءت الضربة الأميركية في وقت يتنامى فيه التنسيق الأمني بين واشنطن ودمشق ضد داعش.

ونشر السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك تغريدة أشار فيها إلى عملية مشتركة ضد داعش قائلاً: “سوريا عادت إلى صفّنا”.

وذكر أحد المسؤولين الأمنيين السوريين أن دمشق طلبت من واشنطن إنهاء المشاركة العسكرية المباشرة في العمليات ضد “داعش” و”القاعدة”، والاكتفاء بتقديم معلومات استخباراتية، موضحاً أن هذا القرار جاء تجنباً لانزعاج شعبي من التعاون العسكري مع الأميركيين.

مرحلة جديدة من التعاون

أوضح التقرير أن سوريا، منذ اندلاع الحرب، كانت مغناطيساً للمقاتلين المتطرفين من مختلف الدول، وأن بعض هؤلاء لا يزال ينشط داخل أراضيها رغم تراجع نفوذهم. كما اندمج عدد منهم مؤخراً في تشكيلات تابعة للحكومة.

وختم المونيتور تقريره بالإشارة إلى أن التفاهمات الأمنية الجديدة بين واشنطن ودمشق نوقشت خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، واستُكملت لاحقاً داخل سوريا نفسها، في ما يُعد مؤشراً على مرحلة جديدة من التنسيق الأمني بعد أكثر من عقد من القطيعة.

 

اقرأ أيضاً:هل انقلب أحمد الشرع على رفاق دربه؟ حملة أمنية تعيد فتح ملف المقاتلين الأجانب في إدلب

اقرأ أيضاً:اعتقال أبو دجانة وأبو إسلام يكشف تصاعد التضييق على المقاتلين الأجانب في إدلب

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

 

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.