جدل واسع بعد اتفاق بين الحكومة الانتقالية ومقاتلين أجانب في إدلب برعاية “تركستانية”
أثار اتفاق موقّع بين ممثل عن وزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية وعدد من القادة الأجانب في ريف إدلب، موجة انتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار صورة تُظهر أوراق الاتفاق مكتوبة بخط اليد وممهورة بتواقيع قادة فصائل من جنسيات مختلفة.
اتفاق أمني برعاية مقاتلين أجانب:
وبحسب مصادر محلية، جرى توقيع الاتفاق عقب اشتباكات محدودة قرب مخيم الفرنسيين في محيط مدينة حارم شمال غرب إدلب، بين قوات تابعة للحكومة الانتقالية ومقاتلين أجانب من كتيبة “الغرباء” التي تضم فرنسيين يقودهم عمر أومسين.
الاتفاق تم بوساطة قادة من “الحزب الإسلامي التركستاني“ ومقاتلين أوزبك، ونص على وقف إطلاق النار، وسحب السلاح الثقيل من المنطقة، ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة، إضافة إلى إحالة ملف الخلاف إلى القضاء الشرعي في وزارة العدل.
وشارك في التوقيع عدد من القيادات الأجنبية البارزة، من بينهم:
“أبو محمد تركستان“، قائد الفرقة 84.
“عبد العزيز أوزبك“، قائد لواء أبي عبيدة بن الجراح.
“سيف الدين أوزبك“، المسؤول العسكري في اللواء ذاته.
“أبو أنس طاجيك، أمير جماعة طاجيك“.
فيما مثّل وزارة الدفاع السورية الانتقالية “أبو عبدو طعوم“.
انتقادات حادة لـ”نهج الفصائل”:
انتشار صورة الاتفاق الذي كُتب بخط اليد أثار موجة واسعة من الجدل بين السوريين، إذ اعتبره كثيرون دليلاً على استمرار “العقلية الفصائلية” داخل مؤسسات السلطة الانتقالية، رغم إعلان توحيد الجيش السوري قبل عشرة أشهر فقط.
الصحفية هدى أبو نبوت كتبت على صفحتها في “فيسبوك”: “مشهد الاتفاق يختزل فشل الخطاب الرسمي عن الدولة والمستقبل، حين تصبح وزارة الدفاع طرفاً في صلحٍ برعاية قادة أجانب من جنسيات متعددة”.
فيما تساءل الناشط سليم نمور: “هل يُعقل أن وزارة الدفاع السورية توقّع اتفاقاً مع مقاتلين فرنسيين وأوزبك وطاجيك بعد كل الحديث عن بناء جيش موحّد؟”.
أما الصحفية يمان عموري فوصفت ما جرى بأنه “ازدواجية خطيرة في التعامل مع المناطق السورية”، مضيفة: “حين تقع توترات في الجنوب أو الساحل، تُستخدم لغة الأمن والهيبة، أما في إدلب فيُعقد اتفاق صلح مع مهاجرين أجانب وبرعاية طاجيك وأوزبك!”.
بلا “هيبة الدولة”، بلا “فرض سلطة الدولة على جميع أراضيها”، بلا ترجيع المخيم لـ “حضن الوطن”، بلا “لم السلاح من العصابات الخارجة عن القانون”، … شو هدول دروز لنبعتلن “فزعة” من العشاير، أو نورّط البدو بدمن ونقول ما دخلنا!
لاء منتعامل مع الموقف بعقلية “هيئة تحرير الشام”، ومنعمل اتفاق… pic.twitter.com/pYeZQJAhfD— Yaman يمان (@YamanAmouri) October 23, 2025
“دولة أم فصائل؟”
الانتقادات لم تتوقف عند مضمون الاتفاق، بل طالت أيضاً شكله وطريقة إعداده، إذ كُتب على ورقة دفتر ووقّعه ممثل الوزارة باسم مستعار، ما اعتبره ناشطون “دليلاً على ضعف الدولة واستمرار منطق الترضيات”.
ويرى محللون أن الاتفاق الأخير يعكس هشاشة مؤسسات السلطة الانتقالية، واستمرار الفصائلية بوصفها المرجعية الحقيقية للقرار الأمني والعسكري في شمال سوريا، الأمر الذي يهدد بعودة الانقسامات القديمة.
واختُتمت التعليقات على الحادثة بسخرية واسعة من الطريقة التي جرى بها التوقيع، حيث كتب أحد الناشطين: “لو أن كتّاب مسلسل بقعة ضوء قدّموا هذا المشهد، لاعتبره الناس مبالغة كوميدية، لكنه اليوم واقع نعيشه فعلاً”.
خلاصة:
الاتفاق الذي جمع الحكومة الانتقالية ومقاتلين أجانب في إدلب لم يُنهِ فقط اشتباكاً محدوداً، بل أعاد إلى الواجهة سؤالاً أكبر: هل لا تزال سوريا تُدار بعقلية الفصائل… أم أنها فعلاً بدأت بناء الدولة التي حلم بها السوريون؟
إقرأ أيضاً: جمهورية الشيخ
إقرأ أيضاً: الفصائلية تحكم السلطة الانتقالية في سوريا.. والجيش الجديد يعيد إنتاج المشهد القديم