“الغلاء الخانق” يضرب دمشق بعد سقوط النظام: تضخم جامح و”فوضى منظمة”

بعد موجة التفاؤل التي رافقت التغيير السياسي وسقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عادت أصوات الشكوى لتكون هي الأعلى في أسواق دمشق القديمة.

حيث يواجه ملايين السوريين تضخماً متصاعداً أدى إلى تآكل القدرة الشرائية بشكل كارثي.

ورغم تراجع معدل التضخم السنوي إلى 15.87% في فبراير/شباط 2025 (وفق “Trading Economics”)، يؤكد الواقع المعيشي أن هذا التحسن “الشَكلي” لم يصل إلى موائد الأسر.

كلفة المعيشة ترتفع والرواتب تتجمد

تروي “أم جابر” قصص مئات العائلات في دمشق، مؤكدة أن سعر كيلو السكر قفز من 9 آلاف إلى 12 ألف ليرة سورية خلال أسبوع واحد.

كما ارتفع سعر صحن البيض بنسبة 70% ليبلغ 43 ألف ليرة، ما دفع كثيرين لمقاطعته.

كلفة المعيشة: تبلغ كلفة معيشة عائلة مكوّنة من أربعة أفراد نحو 800 دولار شهرياً، وفقاً للخبير الاقتصادي ناصر البلخي.

الرواتب: رغم زيادة رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 200% بقرار من رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، فإن الرواتب لا تزال لا تتجاوز 75 دولاراً شهرياً، في حين يطالب السوريون برفعها إلى 300 دولار كحد أدنى.

ويشير الخبير الاقتصادي ناصر البلخي إلى أن “احتكار عدد محدود من المستوردين السلعَ الأساسية جعل الأسعار رهينة تقلباتهم”.

شتاء 2025: أعباء التدفئة والوضع الأمني

لا يقتصر الغلاء على الغذاء؛ ففي شتاء 2025، أصبحت وسائل التدفئة عبئاً إضافياً:

  • المازوت: قفز سعر برميل المازوت من 125 دولاراً في الشتاء الماضي إلى 215 دولاراً حالياً.
  • الحطب والقشور: بلغ سعر طن الحطب 200 دولار، وطن القشور 230 دولاراً، بسبب الضرائب الجديدة والاعتماد على الواردات.

ويعزو التجار ذلك إلى الوضع الأمني الهش والتفاهمات المتعثرة بين الحكومة الانتقالية و”قسد”، التي تجعل السوق “رهينة لأي تطور”، بحسب تاجر الوقود خالد التركماني.

وفي المخيمات شمال غربي سوريا، تضاعفت الأسعار مرات عدة مع تراجع الدعم الإنساني.

فوضى التسعير وغياب الرقابة

يجمع التجار والمحللون على أن الأسواق تشهد “فوضى اقتصادية منظمة”، حيث تتغير الأسعار يومياً بلا ضوابط.

آلية الاحتكار: يتحكم كبار الموردين في التسعير عبر مجموعات على تطبيق “واتساب”، حيث تُسحب القوائم القديمة وتُستبدل بأخرى جديدة فوراً، من دون أي رقابة حكومية فعالة.

عضو غرفة التجارة محمد الحلاق: يرى أن المشكلة تكمن في “ضعف أدوات الرقابة وغياب سياسة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية”، مؤكداً أن “انخفاض التضخم على الورق لا يعني شيئاً إذا لم ينعكس على رفوف المحال”.

الحل يبدأ بإعادة تنظيم السوق

يدعو محمد الحلاق إلى أن الحل يبدأ بـ:

1- إنشاء هيئة رقابة مستقلة على الأسعار.

2- وضع سقوف سعرية واضحة للسلع الأساسية.

3- إعادة تشغيل معامل الإنتاج المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات.

ويختم: “إذا لم تستعد الدولة دورها في السوق، فسيبقى المواطن أسير لعبة التسعير اليومية بين كبار التجار”.

وهو ما يهدد بتبديد بوادر التعافي الاقتصادي المتوقعة (نمو 1% وفق البنك الدولي) وتحويلها إلى حرب يومية مع الغلاء

 

معتقلو درعا المجهولون في سجون إسرائيل.. عائلات تبحث عن إجابات

اقرأ أيضاً:تصاعد التوغلات الإسرائيلية في القنيطرة: حواجز وتفتيش قرب الحدود

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.