الحدس الفطري أم ضوضاء العقل؟ اكتشفي الفارق الذي يجعلك أماً واثقة.
في رحاب الأمومة، تولد قوة خارقة لا يُدركها إلا من عاشها: الحدس.
إنه ذلك الصوت الداخلي الذي يهمس للأم بأن “شيئاً ما ليس على ما يرام” حتى لو كانت كل المؤشرات الخارجية طبيعية. لكن في المقابل، يقف شبح آخر ينهك الروح والجسد: القلق المتضخم بالمخاوف.
فكيف يمكن للأم أن تفك شفرة هذا “الهمس الداخلي”؟ وكيف تستمع إلى الحدس الصادق دون أن تقع فريسة سهلة في دوامة التوتر المستمر؟
حدس الأمومة: المعرفة الهادئة التي لا تحتاج براهين
الحدس، في جوهره، ليس مجرد خيال عابر. يصفه الخبراء بأنه “معرفة داخلية دقيقة متحررة من الضجيج العقلي”. إنه شعور يأتي بهدوء، لا يسبب تسارعاً في النبض، بل يمنح الأم يقينًا صامتًا بأن هناك ما يستدعي الانتباه.
قد يتجلى هذا الحدس في قرار مفاجئ بتغيير طبيب الطفل رغم “سلامة” جميع التحاليل، أو الحاجة المُلحة لاحتضان الصغير لفترة أطول دون سبب منطقي. وعند مراجعة تلك اللحظات لاحقاً، يتضح غالباً أن هذا الصوت الفطري كان على حق. الحدس يضيء لحظات محددة، ولا يطارد الأم يومياً.
القلق: ضوضاء العقل وسيناريوهات “ماذا لو؟”
على النقيض تماماً، يأتي القلق مصحوباً بضوضاء داخلية هائلة. إنه لا يسأل بهدوء، بل يصرخ بالتشكيك واللوم: “ماذا لو تأخرت في ملاحظة المرض؟ ماذا لو تسببتُ في أذى دون قصد؟”
القلق عملية استنزاف شاملة؛
ينهك الجسد بتوتر عضلي وتسارع في النبض وأرق، ويغرق العقل في بحر من البحث المتواصل عن أعراض نادرة عبر الإنترنت. والأخطر، أنه قادر على التنكر في هيئة حدس، ليُوهم الأم بأن خوفها هو “شعور حقيقي”، بينما هو في الحقيقة نتاج لتوتر نفسي غير مُعالَج، أو صدى لتجربة قديمة مؤلمة.
كيف تفكّين شيفرة صوتك الداخلي؟.. 4 إشارات حاسمة
لتتمكني من الفصل بين الحقيقة والضوضاء، يقدم المختصون إشارات واضحة للتمييز بين الحدس والقلق:
الميزة حدس الأمومة الفطري قلق الأمومة المُنهك
نبرة الصوت هادئ، واضح، يُشبه المعرفة الصافية. متسارع، مُشوش، مليء بالتحذير والمبالغة.
تكرار الشعور يظهر في لحظات محددة ومضيئة، لا يطاردك يومياً. يظهر مراراً في مواقف كثيرة، ويسبب الإرهاق المستمر.
أثر الجسد لا يترك ثقلاً جسدياً أو توتراً. يرافقه توتر عضلي، تسارع في النبض، وأرق.
المصدر ينبع من لحظة حضور صافية، غير مرتبط بماضٍ بالضرورة. يتغذى على تجارب سابقة من الذنب، الفقد، أو الإحساس بالعجز.
لتصبحي أماً حاضرة وواثقة.. تدربي على الصمت
القدرة على التمييز بين الحدس والقلق مهارة تُكتسب بالتدريب. إذا شعرتِ بالتشويش، مارسي هذه الممارسات البسيطة:
صمت الهدوء:
ممارسة التأمل أو التنفس الواعي لبضع دقائق يومياً تساعد على فصل الضوضاء عن الحقيقة.
علاج الكتابة:
اكتبي ما تشعرين به؛ رؤية المشاعر مكتوبة تكشف ما إذا كانت فكرة عابرة أم نمطاً مزمناً من القلق.
مهلة التوقف:
ليس عليكِ التصرف بناءً على كل شعور فوراً. امنحي نفسك ساعة من الانتظار؛ هذا يكشف غالباً إن كان الصوت حدساً قوياً أم مجرد نوبة قلق عابرة.
إن مشاعر الأمومة رحلة متشابكة بين الحب والخوف، لكن تذكري دائماً: القوة تكمن في أن تكوني أماً حاضرة وواثقة، متصلة بجذورها الفطرية، وقادرة على إسكات ضوضاء القلق لتستمع بوضوح إلى صوت الحدس الحقيقي.
إقرأ أيضاً : لماذا النساء أكثر عرضة للقلق؟.. السر ليس في “الضغوط” فقط، بل في هرموناتك!
إقرأ أيضاً :كيف تعتنين بصحتك النفسية وسط مسؤولياتك كأم؟
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام