زيارة أحمد الشرع إلى موسكو تثير جدلاً واسعاً.. هل تعود سوريا إلى التبعية الروسية؟

اختتمت في الكرملين، بالعاصمة الروسية موسكو، المحادثات الرسمية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة السورية للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، بعد جلسة استمرت لأكثر من ساعتين ونصف، بحسب ما أفادت وسائل إعلام روسية.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فقد اتفق الجانبان على عقد اجتماع للجنة حكومية سورية-روسية مشتركة قريباً، إضافة إلى بحث ملفات التعاون الثنائي في مجالات متعددة، من بينها الاقتصاد والطاقة والبنية التحتية.

أول زيارة للشرع إلى روسيا وسط غضب شعبي في الداخل السوري:

تمثل هذه الزيارة الأولى من نوعها لأحمد الشرع منذ توليه رئاسة الحكومة السورية الانتقالية، كما أنها أول لقاء مباشر له مع الرئيس الروسي بوتين. غير أن اللقاء أثار موجة انتقادات حادة داخل الأوساط الشعبية السورية، حيث يرى العديد من الناشطين والمحللين أن إعادة تطبيع العلاقات مع روسيا تمثل “خيانة لذاكرة السوريين”، الذين عانوا لسنوات طويلة من الدعم الروسي للنظام السابق بقيادة بشار الأسد.

سوريون يرفضون تطبيع العلاقات مع روسيا قبل المحاسبة:

يؤكد ناشطون سوريون أن موسكو كانت الطرف الأساسي في إطالة أمد الحرب السورية، عبر دعمها العسكري والسياسي الكامل لنظام بشار الأسد، مطالبين الحكومة السورية الجديدة بعدم تجاهل هذه الحقائق في سبيل مصالح سياسية قصيرة الأمد.

ويطالب سوريون غاضبون بأن تقدم موسكو اعتذارا رسميا عن دورها في الحرب السورية، إلى جانب تعويض الضحايا المدنيين الذين تضرروا جراء الغارات الروسية.

وطالب كثيرون بـمحاسبة روسيا على ما ارتكبته طائراتها من غارات أودت بحياة آلاف المدنيين، وتسببت في تشريد ملايين السوريين، بالإضافة إلى مطالبات بتسليم شخصيات النظام السابق، وعلى رأسهم بشار الأسد، المقيم حالياً في روسيا.

علاقات موسكو-دمشق: شراكة أم تبعية؟

يرى مراقبون أن العلاقة بين روسيا وسوريا لطالما اتسمت بطابع التبعية السياسية والعسكرية، خصوصاً منذ التدخل الروسي المباشر في سوريا عام 2015. وأدى ذلك إلى سيطرة موسكو على مفاصل أساسية في القرار السيادي السوري، خاصة في المجالين العسكري والاقتصادي، حيث تم تأجير ميناء طرطوس لروسيا لمدة 49 عاماً، والسيطرة على أجزاء من حقول النفط والغاز السورية.

ورغم أن زيارة الشرع قد تُقرأ كجزء من سياسة براغماتية للبحث عن توازن إقليمي، فإن مخاوف عديدة تثار حول أن تكون هذه الخطوة تمهيداً لإعادة تدوير التبعية الروسية في سوريا، على حساب التوافق الوطني والتطلعات الشعبية نحو استقلال القرار السياسي.

الغرب يراقب بحذر.. وذاكرة السوريين لا تُمحى:

في السياق ذاته، يرى محللون غربيون أن أي تقارب جديد بين موسكو ودمشق لن يُفهم خارج إطار الهيمنة الروسية على شرق المتوسط، خاصة عبر قواعدها في طرطوس وحميميم. وتُعد هذه التحركات، بحسب التحليل السياسي الغربي، جزءًا من استراتيجية موسكو لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في مواجهة مصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المنطقة.

لكن يبقى العامل الأكثر حساسية هو الرفض الشعبي الواسع داخل سوريا، لأي عودة إلى علاقات غير متوازنة مع روسيا. إذ يرى السوريون أن ذاكرة القصف الروسي، والدمار الواسع، والتدخل العسكري المباشر لا تزال حاضرة، وأي تطبيع دون اعتذار رسمي وتعويضات سيُعد تجاهلاً لتضحياتهم.

إقرأ أيضاً: زيارة الشرع إلى روسيا: فرص استثمارية أم تحديات تبعية اقتصادية؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.