الأمان في الطفولة: القاعدة التي تُبنى عليها الحياة.
سر “جذر الأمان” في الطفولة الذي يشكّل شخصية ابنك للأبد!
الأمان الحقيقي يبدأ في “نبرة الصوت ونظرة العين”.. وهذه هي العلامات التي تدمر الثقة وتخلق “الرفض الصامت”.
هل تعتقد أن الأمان في حياة طفلك يقتصر على إغلاق الأبواب وحمايته من الخطر؟ الحقيقة أعمق بكثير. الأمان، وفقاً للخبير التربوي إيمان بونقطة، هو اللبنة الأساسية التي تُبنى عليها شخصية الطفل، وهو الجذر الأول الذي يحدد مسار حياته لاحقاً، من قدرته على الحب إلى توازنه النفسي.
الأمان الحقيقي لا يُرى، لكنه يُعاش في أدق التفاصيل:
في نبرة صوت الأم حين تنادي، في نظرة العين المستقبِلة صباحاً، وفي الطريقة التي يُستجاب بها للبكاء، وفي الكلمات التي لا تخذله حتى لو أخطأ. إنه ليس رفاهية، بل شرط أساسي لتفتُّح روحه وثقته بالعالم.
الأمان: حضور الطمأنينة لا غياب الخطر
من منظور الطفولة، الأمان يعني حضور الطُمأنينة المطلقة. أن يعرف الطفل أن والديه يريانه ويسمعانه ويستوعبان مشاعره دون شروط أو تقلب.
الأمان هو:
أن الحب لا يُسحب عند الخطأ، وأن الغضب لا يعني الانفصال، وأن الحزن لا يواجه بالتجاهل أو السخرية.
الأمان ليس:
الخوف من تقلب المزاج الأبوي أو السلوك المشروط بالنجاح.
5 مفاتيح سحرية لبناء القلعة الآمنة
شعور الأمان يُبنى عبر استراتيجيات صغيرة لكنها مستمرة، وتتطلب وعياً من الأهل:
الاتساق والثبات:
أن تكون ردود فعل الأهل متوقعة، فلا يعيش الطفل في حيرة من أمره حول ما سيغضب أو يُرضي والديه.
الاحتواء العاطفي:
السماح للطفل بالتعبير عن الغضب أو الحزن دون مقاطعة أو استهزاء.
قوة اللمسة الحانية:
الحضن الدافئ، واليد التي تمسح على الشعر، والنظرة التي تقول “أنا هنا” قبل أن يُنطق أي كلام.
حدود الحب والاحترام:
وضع ضوابط واضحة لكن ضمن مساحة من الحب، لأن اللا ضوابط تجعل الطفل يشعر بالارتباك لا الأمان.
الوقت الحاضر بصدق:
تخصيص ولو عشر دقائق يومياً للطفل بعيداً عن الهاتف والعمل، ليشعر بأنه أولوية مطلقة في حياة الأهل.
حين يغيب الجذر: كيف يتكيّف الطفل دفاعياً؟
عندما تنقص الطمأنينة العاطفية، يلجأ الطفل إلى أساليب دفاعية مؤلمة:
قد يصبح هادئاً أكثر من اللازم (لأنه تعلّم أن الانفعال مزعج).
أو صاخباً بلا توقف (لأنه لا يُرى إلا حين يزعج).
قد يتحول إلى شخص مرضي للغير يبحث عن القبول بأي ثمن، أو رافض لكل سلطة لأنه لم يجد احتضاناً غير مشروط.
هذا الطفل يحمل مشاعره المؤجلة إلى علاقاته المستقبلية وثقته بالآخرين، ولكن الخبر الجيد هو: الأمان قابل للترميم من خلال علاقات قائمة على القبول غير المشروط، وبالغين يُصغون دون حكم.
التربية ليست سباقاً للنجاح، بل مد يد الأمان إلى الطفل ليس حين ينجح، بل حين يتعثر. هذه اليد هي أعظم هدية تُمنح له، وأكثر ما يبقى في ذاكرته للأبد.