من الإغاثة إلى التنمية: شراكات جديدة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في سوريا

في ظل انخفاض التمويل الدولي المخصص لبرامج المساعدات الإنسانية في سوريا، تتجه المنظمات الدولية نحو بناء شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص المحلي، بهدف تحويل الإغاثة من طابعها الطارئ إلى نموذج تنموي مستدام يعزز الإنتاج المحلي ويوفر فرص عمل جديدة.

ندوة في غرفة تجارة دمشق تفتح الباب أمام شراكات تنموية:

استضافت غرفة تجارة دمشق، يوم أمس الاثنين، ندوة بعنوان: “تعزيز التعاون من أجل تحقيق أثر إنساني مستدام”، بتنظيم مشترك مع برنامج الأغذية العالمي (WFP) واتحاد غرف التجارة السورية. وقد حضر الفعالية عدد كبير من ممثلي الشركات المحلية والمنظمات الدولية، في خطوة تهدف إلى ربط الموردين السوريين مباشرةً ببرامج المساعدات.

ركزت الندوة على آليات التوريد، شروط التعاقد، وفرص التعاون بين القطاع الخاص السوري والجهات الدولية في مجالات الأغذية، البناء، الخدمات اللوجستية، والتكنولوجيا.

ربط الاقتصاد المحلي بالمساعدات الدولية:

قال رئيس غرفة تجارة دمشق، عصام الغريواتي، إن الندوة تُعد خطوة عملية تهدف لتمكين الشركات السورية من المشاركة الفعلية في مشاريع المنظمات الدولية داخل البلاد، وأضاف: “نملك شركات وطنية تمتلك القدرات الفنية واللوجستية، لكنها تحتاج إلى فهم آليات الشراء المعتمدة لدى المنظمات”.

وأشار الغريواتي إلى أن الوقت قد حان للانتقال من منطق “الانتظار” إلى شراكات اقتصادية حقيقية تجعل من القطاع الخاص السوري طرفاً فاعلاً في عملية التعافي الاقتصادي، خاصة في ظل التراجع الحاد في الاستثمارات المحلية.

الحكومة: الانتقال من الإغاثة إلى التنمية لم يعد خياراً:

من جهته، شدد سعد البارود، مدير إدارة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية السورية، على أن تمويل المساعدات الطارئة يتراجع بشكل كبير، مشيرًا إلى ضرورة توجيه أنشطة المنظمات نحو مشاريع إنتاجية مستدامة. وقال: “الهدف هو استفادة المواطن بشكل مباشر عبر تشغيل العمالة المحلية وتفضيل المنتج السوري”.

اتحاد غرف التجارة: مستعدون لدعم سلاسل التوريد المحلية:

أوضح مدير عام اتحاد غرف التجارة السورية، عامر الحمصي، أن الاتحاد يملك شبكة واسعة من الموردين يمكن ربطها مع مشاريع برنامج الأغذية العالمي. وأكد أن هذا التعاون لن ينعكس فقط على أرباح الشركات، بل سيخلق ديناميكية اقتصادية تنعكس على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.

برنامج الأغذية العالمي: هدفنا تنمية مستدامة لا مجرد مساعدات:

أكدت ماريان وارد، نائبة المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي، أن البرنامج يسعى إلى توسيع شبكة التعاون مع الشركات السورية في مختلف القطاعات. وأوضحت أن WFP يعمل حاليًا على تبسيط إجراءات التعاقد والمناقصات، لإتاحة فرص أوسع أمام الموردين المحليين للمشاركة في المشاريع التنموية.

وقالت وارد: “لم يعد هدفنا إيصال المساعدات فحسب، بل نبحث عن شراكات اقتصادية تساهم في تحريك السوق المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد”.

نحو اقتصاد إنساني مستدام في سوريا:

عكست الندوة تحوّلًا متدرجًا في استراتيجية المنظمات الدولية، نحو دمج المساعدات الإنسانية بالاقتصاد المحلي، في ظل تراجع التمويل الخارجي وازدياد الحاجة إلى حلول تنموية طويلة الأجل.

وشهدت الفعالية لقاءات مباشرة بين فرق المشتريات وممثلي الشركات السورية، في مؤشر على وجود رغبة حقيقية في تحويل هذه الشراكات إلى أدوات فعالة لدعم الاقتصاد السوري، من خلال تشغيل اليد العاملة وتعزيز الإنتاج المحلي.

التنمية هي الطريق نحو الاستدامة:

أكد المشاركون في ختام الندوة أن دمج العمل الإنساني في الدورة الاقتصادية السورية لم يعد خياراً ثانوياً، بل بات ضرورة لضمان استمرارية البرامج وتقليل التكاليف وتحقيق أثر تنموي حقيقي في الداخل السوري.

إقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: تحذير عاجل من توقف المساعدات الغذائية الحيوية في سوريا مطلع 2026

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.