اعتقال “أبو دجانة التركستاني” و”أبو إسلام الأوزبكي”: تصفية داخلية أم محاسبة؟

داما بوست -خاص

في خطوة مفاجئة، أفاد ناشطون بأن وزارة الداخلية في الحكومة السورية الانتقالية اعتقلت كل من “أبو دجانة التركستاني” و”أبو إسلام الأوزبكي”، وهما من أبرز الشخصيات الجهادية الأجنبية في سوريا والتي ظهرت على الساحة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم خلال مجازر الساحل السوري التي وقعت في شهر آذار/مارس الماضي.

الخبر تم تداوله على نطاق واسع بعد انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الشخصين خلف القضبان، ما أثار حالة واسعة من الجدل والانقسام داخل الشارع السوري، وبين المراقبين الدوليين المهتمين بملف المقاتلين الأجانب في سوريا.

غياب التصريحات الرسمية يفتح باب التساؤلات:

لم تصدر وزارة الداخلية أي بيان رسمي يوضح تفاصيل عملية الاعتقال أو طبيعة التهم، ما دفع كثيرين إلى التساؤل: هل تم اعتقال “أبو دجانة” و”أبو إسلام” بهدف المحاسبة القانونية، أم أن ما يجري هو جزء من حملة تصفية داخلية تستهدف المقاتلين الأجانب في صفوف “هيئة تحرير الشام”؟

ووسط هذا الغموض، خرج عدد من الناشطين المحليين والمتعاطفين مع المقاتلين الأجانب، مطالبين بتوضيح رسمي ومؤكدين أن الاعتقال تم بشكل تعسفي، دون إجراءات قانونية واضحة.

خلفية عن المعتقلين: من الجهاد إلى الاعتقال:

كلا المعتقلين، أبو دجانة التركستاني وأبو إسلام الأوزبكي، من قدامى المقاتلين الأجانب في سوريا، وقد برزا في سنوات الحرب الأولى ضمن فصائل متشددة، قبل أن يلتحقا لاحقًا بـ”هيئة تحرير الشام” التي تحكم اليوم سوريا بقيادة أحمد الشرع.

تقارير حقوقية أشارت إلى تورطهما في جرائم تصفية وتهجير ونهب بحق مدنيين خلال مجازر شهدتها مناطق الساحل.

مراقبون: الهيئة بدأت بالتخلص من المقاتلين الأجانب:

يرى محللون أن الاعتقالات الأخيرة تأتي ضمن نهج تقليص نفوذ المقاتلين الأجانب داخل وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية.
وقال مصدر محلي مطّلع من إدلب (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) لشبكة “داما بوست”: “الهيئة تعمل منذ فترة على التخلص التدريجي من المقاتلين الأجانب، خصوصاً الذين يمتلكون علاقات وشبكات دعم خارجية لا تخضع لسلطة القيادة المركزية.”

هل بدأت تصفية ملف الأجانب؟

في ظل عدم وجود قضاء مستقل وغياب المحاسبة الحقيقية، يتصاعد القلق داخل أوساط المقاتلين الأجانب الذين يعتبرون ما جرى مع “أبو دجانة” و”أبو إسلام” بداية حملة تطهير منظمة، خصوصًا بعد الحديث عن قوائم اعتقال سرية تشمل عشرات المقاتلين الأجانب في إدلب وريفها، بالإضافة إلى سلسلة الانفجارات التي ضربت عدداً من مستودعات السلاح والذخيرة الخاصة بالمقاتلين الأجانب في إدلب وريفها.
ويزداد هذا القلق مع ازدياد الضغوط الدولية والإقليمية على الحكومة الجديدة في سوريا، التي تحاول تحسين صورتها عبر تقديم نفسها كسلطة منظمة تُطبق القانون وتحارب التطرف.

ملف تجنيس المقاتلين الأجانب: بين القبول والرفض:

في سياق متصل، عاد إلى الواجهة ملف تجنيس المقاتلين الأجانب وعائلاتهم في سوريا، والذي طُرح بقوة بعد سقوط النظام السوري.

وتضم “هيئة تحرير الشام” في صفوفها مقاتلين من جنسيات متعددة، أبرزهم من:

الصين (إيغور تركستان)

أوزبكستان

باكستان

الشيشان

دول الخليج

أوروبا الغربية

وفيما تؤيد تركيا وبعض الفصائل المحلية دمج المقاتلين الأجانب ومنحهم الإقامة أو الجنسية، تتحفظ قوى دولية مثل فرنسا وبريطانيا، فيما الولايات المتحدة التي عارضت وجودهم في سوريا فور سقوط نظام الأسد، عادت فيما بعد لتشرعن للسلطة الانتقالية في سوريا تجنيسهم لكن ضمن شروط.

أما الصين فتعارض بشدة أي وجود دائم للمقاتلين الإيغور في سوريا، وتضغط إقليميًا لمنع تجنيسهم أو بقائهم.

خلاصة: تصعيد داخلي أم إعادة تموضع سياسي؟

الاعتقالات الأخيرة تكشف عن تحولات عميقة داخل المنظومة العسكرية والسياسية، وتؤشر إلى بداية مرحلة جديدة تتجاوز الحرب الميدانية نحو ترتيب السلطة والولاءات من الداخل.

وبين من يرى في الخطوة محاسبة مشروعة، ومن يعتبرها تصفية سياسية لصالح أجندة إقليمية، تبقى الحقيقة غائبة وسط الغموض الرسمي، وتخوف المقاتلين الأجانب من أن يكونوا الهدف التالي في حملة “كسر الأجنحة الخارجية” داخل الساحة السورية.

إقرأ أيضاً:  سوريا بلا هوية: كيف محيَ شعبٌ من السجلات؟

إقرأ أيضاً: جدل واسع حول تجنيس المقاتلين الأجانب في سوريا.. نفي رسمي ووقائع متضاربة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.