سورية تتجه نحو المصارف الاستثمارية لتعزيز وتنمية الاقتصاد
أعلن مصرف سورية المركزي، اليوم الاثنين، عن إعداد مشروع التعليمات التنفيذية لقانون المصارف الاستثمارية رقم (56) لعام 2010، في خطوة وصفها الحاكم عبد القادر الحصرية بأنها “نوعية” على طريق تطوير المنظومة المالية والمصرفية وتلبية الاحتياجات التمويلية لمشاريع إعادة الإعمار.
وفي منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، اعتبر الحصرية أن القانون يمثل “محطة مفصلية في تنظيم وترخيص المصارف الاستثمارية وتعزيز بيئة الاستثمار الوطني، بما يتماشى مع التحولات الإقليمية والدولية في مجال الخدمات المالية”. وأوضح أن التعليمات التنفيذية تهدف إلى تنظيم عمل المصارف الاستثمارية وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، وتمكين القطاع المالي من تمويل مشاريع التنمية وإعادة الإعمار، مع تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمارات الخاصة وضمان الرقابة العامة والشفافية المؤسسية، وتعزيز حماية المستثمرين وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة.
ويعرَّف القانون المصرف الاستثماري بأنه مؤسسة مالية تهدف إلى تمويل النشاط الاستثماري للقطاع الخاص والمساهمة في تمويل مشاريع القطاع العام، إضافة إلى تقديم الخدمات الاستشارية والمساهمة في تأسيس الشركات، وفق الضوابط القانونية. ويشترط أن يكون رأس مال المصرف الاستثماري على الأقل 20 مليار ليرة سورية (نحو 1.8 مليون دولار)، مع السماح لمساهمين أجانب أو اعتباريين متخصّصين بالمساهمة بنسبة تصل إلى 49% من رأس المال، تُسدّد بالقطع الأجنبي.
ويضم القطاع المصرفي الخاص في سورية نحو 15 بنكًا تقدّم خدمات مالية متنوعة للأفراد والشركات، تشمل الحسابات والقروض وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتتوزع بين مؤسسات تقليدية مثل بنك بيمو السعودي الفرنسي وبنك سورية والمهجر والمصرف الدولي للتجارة والتمويل، وبين بنوك إسلامية مثل بنك الشام وبنك البركة والبنك الوطني الإسلامي.
ويعتبر هذا التنوع في القطاع المصرفي، بين التقليدي والإسلامي، أرضية مناسبة لتطوير مؤسسات مالية جديدة مثل المصارف الاستثمارية، التي يُتوقع أن تدخل حيز التنفيذ بعد صدور التعليمات التنفيذية للقانون.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أنس الفيومي إن إصدار التعليمات التنفيذية جاء متأخرًا رغم صدور القانون عام 2010، لكنه يعكس رغبة السلطات في تنشيط عمليات الاستثمار وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، مع مراعاة المعطيات الحالية مثل رفع بعض العقوبات وربط النظام المصرفي بنظام “سويفت”. وأضاف الفيومي أن هذه التعليمات ستمنح هوامش مرونة لإدارات المصارف الخاصة، ما سينعكس إيجابًا على نشاطها، وسيتيح للمصارف الخاصة دورًا استراتيجيًا في رؤية المركزي للوضع المصرفي العام.
وأكد الفيومي أن خطوة إصدار التعليمات التنفيذية تمثل “فرصة لتعزيز دور القطاع المالي في تمويل مشاريع إعادة الإعمار وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني”، مشيرًا إلى أن فتح المجال لمصارف استثمارية متخصصة قد يحفّز القطاع الخاص على المشاركة في مشاريع كبيرة، خصوصًا في مجالات البنية التحتية والطاقة والإسكان، ما يدعم النمو الاقتصادي المستدام. وأضاف أن وجود إطار قانوني واضح سيزيد من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، خاصة مع السماح بمساهمات محدودة للأجانب، مشددًا على أن النجاح يعتمد على التطبيق الفعلي للتعليمات والشفافية في منح التراخيص والرقابة على عمل هذه المصارف.
وفي المقابل، أبدى الخبير الاقتصادي منير الغصة وجهة نظر أكثر حذراً، معتبرًا أن “إطلاق مصارف استثمارية جديدة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن محفوف بالمخاطر”. وأوضح أن غياب الاستقرار النقدي والاعتماد على التمويل الأجنبي قد يجعل هذه المصارف عرضة لمشكلات في السيولة وتقلبات أسعار الصرف، وربما تتحول إلى أداة لتهريب رؤوس الأموال أو تركّز الثروة في أيدي عدد محدود من المستثمرين، ما يستدعي وضع ضمانات قوية للشفافية والمساءلة. كما أشار الغصة إلى أن التحديات الاقتصادية الحالية، من تضخم وقيود على حركة الأموال، قد تحد من قدرة هذه المصارف على تمويل المشاريع الكبرى بشكل فعلي، مما يستدعي مقاربة تدريجية وحذرة.
اقرأ أيضاً:مصرف سوريا المركزي يعلن إنشاء مديرية لحماية المستهلك المالي لتعزيز الثقة