البطالة في جبلة.. شباب بلا فرص ومشاريع متوقفة تزيد الأزمة
تتصدر البطالة هواجس الشباب في مدينة جبلة جنوبي اللاذقية، حيث يواجهون صعوبة متزايدة في الحصول على فرص عمل، في ظل توقف المشاريع العمرانية والتجارية، وتسريح أعداد كبيرة من الشبان الذين كانوا يعملون في جيش النظام السابق وأجهزته الأمنية.
أزمة متفاقمة بعد أحداث آذار
تأثرت الأوضاع الاقتصادية في جبلة بشكل واضح عقب الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة في آذار/مارس الماضي، إذ تراجع النشاط التجاري بين الريف والمدينة بشكل كبير، ما انعكس على الأسواق التي دخلت في حالة جمود. ورغم تحسن طفيف لاحقًا، إلا أن الحركة الاقتصادية لم تعد إلى مستواها السابق.
شباب يبحثون عن عمل.. دون جدوى
يشكو الكثير من الشبان في جبلة وريفها، وبينهم العائدون من الخارج، من غياب فرص العمل وضعف النشاط الصناعي. كما يعاني أصحاب الورشات والعاملون في المنطقة الصناعية من تراجع المشاريع، الأمر الذي انعكس مباشرة على مستوى المعيشة.
المقاول عبد الرحمن الشغري، قال لموقع تلفزيون سوريا إن جبلة تمرّ بـ”أصعب فترة ركود منذ شهور طويلة”، موضحًا “لا توجد تراخيص لبناء جديد رغم عودة كثير من المغتربين، وما يجري لا يتعدى إصلاحات بسيطة”.
وأضاف أن ورشته التي كانت تضم 12 عاملاً بمختلف اختصاصات البناء، باتت تقتصر عليه وعلى عامل واحد فقط، نتيجة توقف المشاريع.
عائدون بلا أفق
محمود الدو (23 عامًا)، شاب عاد من تركيا قبل خمسة أشهر، لكنه لم ينجح حتى الآن في تأمين فرصة عمل. يقول محمود: “أعمل بالخياطة لكن السوق ضعيف جدًا. زرت معظم الورشات لكن الجميع يشكو من الركود، وأحيانًا أضطر للعمل في تنظيف أراضٍ مهجورة فقط لتأمين مصروفي اليومي”.
مسرحون من الجيش السابق في طابور العاطلين
في ريف جبلة، لا يبدو الوضع أفضل. علي شبانة (27 عامًا)، ملازم سابق في قوات النظام السابق، يشير إلى أن مئات الشبان الذين كانوا متطوعين في الجيش أو الأجهزة الأمنية وجرى فصلهم بعد حل الجيش، أصبحوا “جيشًا من العاطلين”.
ويضيف: “لا توجد استثمارات في الساحل، ولا مصانع أو شركات. البعض لجأ إلى فتح بسطات صغيرة، وآخرون فضلوا السفر، فيما تبقى الأوضاع صعبة للغاية”.
أما غدير صافي، الموظف السابق في أرشيف وزارة الدفاع، فيوضح أن آلاف الشبان بقوا بلا عمل بعد سقوط النظام، مشيرًا إلى أن محاولات البعض لفتح مشاريع صغيرة أو العودة إلى الزراعة لم تنجح في تعويض غياب الوظائف الحكومية أو فرص العمل المستقرة.
غياب المشاريع وتراجع السياحة
ويؤكد التاجر عبد الرحمن نعنوع أن البطالة في جبلة مرتبطة بشكل مباشر بغياب الاستثمارات الكبرى والمصانع، مشيرًا إلى أن المدينة تُصنف سياحية “لكنها لا تضم حتى فندقًا واحدًا”.
ويضيف أن سكان الريف كانوا يعتمدون سابقًا على الوظائف العسكرية، ومع غيابها اليوم، باتت الحاجة ماسة لوضع خطة اقتصادية تنقذ المدينة من الركود. ويحذر من أن استمرار الوضع على حاله قد يؤدي إلى انتشار السرقات وارتفاع معدلات الجريمة.
أرقام رسمية تؤكد الأزمة
وبحسب بيانات “المكتب المركزي للإحصاء” لعام 2022، سجّلت محافظة اللاذقية ثاني أعلى معدل للبطالة في سوريا بنسبة بلغت 14%، أي ما يعادل أكثر من 192 ألف عاطل عن العمل، لتأتي بعد ريف دمشق مباشرة.
مستقبل غامض لشباب جبلة
بين عائدين بلا عمل، ومسرحين بلا بدائل، وتجار يواجهون ركودًا متزايدًا، تبقى البطالة في جبلة أزمة مفتوحة تحتاج إلى حلول عاجلة، سواء عبر تشجيع الاستثمار والمشاريع السياحية أو تفعيل قطاعي الزراعة والصناعة، لتفادي تحوّل جيش العاطلين إلى مشكلة اجتماعية أوسع.
اقرأ أيضاً:البطالة تهدد مستقبل الشباب في سوريا